قانونيا الترجي لم يفز بالكأس والحسم بعد غد الثلاثاء من باريس

لم يفز الترجي التونسي رسميا بكأس إفريقيا للأندية البطلة ، وعليه لم ينهزم وداد الأمة رسميا كذلك ، حيث لم تظهر تهنئة الاتحاد الإفريقي للترجي بالفوز في الموقع الرسمي للاتحاد ، على عكس ما جرت وتجري به العادة وتفرضه المناسبة ، لعل أقربها إسراع الاتحاد الإفريقي إلى تهنئة الزمالك المصري عشية فوزه بكأس الكونفدرالية على نهضة بركان المغربي.
ويأتي تريث الكاف في تهنئة الترجي ليجعل فرحة “التوانسة ” معلقة إلى حين ، على أن يكون الحسم من باريس بعد غد الثلاثاء في اجتماع طارئ دعا إليه أحمد أحمد رئيس الكاف للجنة الطوارئ ، ولو أن الأمر حُسِم فيه فعلا، لما سارعت لجنة الطوارئ إلى عقد اجتماعها خلال ثلاثة أيام على النهائي الذي لم يكتمل ، ثم لو أن “الكاف” بارك للترجي الكأس “المسروقة” لما عقد اجتماعه الطارئ بعد غد .
وإذا كانت هناك تقارير تؤكد أن تعليمات صدرت إلى الجهة المنظمة وإلى حكم المباراة بإعلانه نهاية المباراة ومنح الفوز بالكأس للترجي ، فان ذات التقارير اعتبرت صافرة كاساما فجر يوم السبت كانت ذات نفحة أمنية وسياسية بحجة تفادي كل انفلات أمني قد يحصل في المدرجات من طرف جماهير تم شحنها إعلاميا بحمولات غير رياضية فباتت مثل ثيران المصارعة ، في دولة تعيش حالة ثورة مستمرة ومفتوحة منذ 2011 .
وبالعودة إلى بعض البنود والفصول القانونية المرتبطة باللعبة، فان المباراة لم تكن متوقفة بسبب رفض لاعبي الوداد اللعب ، أو بسبب انسحابهم ، بل كانت متوقفة لعطل في تقنية ” الفار” ومحاولات لإصلاحه حينا ، ثم التنكر لوجوده أحيانا .
ويمنح القانون لحكم المباراة خمس دقائق ينذر فيها الفريق الرافض للعودة إلى الملعب تحت طائلة اعتبار الفريق المنافس فائزا ، لكن كاساما لم يحترم مهلة الخمس دقائق ممات يدل على أن المباراة لم تكن متوقفة بسبب لاعبي الوداد ، بقدر ما كانت متوقفة لأسباب دارت تفاصيلها في المكالمات بين الحكام الثلاث .
كما أن حكم المباراة انتظر قرابة الساعة والنصف ليعلن انتهاء المباراة بتتويج بين قوسين ولظروف الأمن والسلامة فريق الترجي كما سبق بيانه ، وبالعودة إلى عقارب الساعة فإن يوم الجمعة 30 ماي الذي جرت فيه المباراة ، كان قد انصرم بقرابة نصف ساعة وحل يوم السبت 1 يونيو ، ومعلوم أن قانون الفيفا يمنع لعب مباراة واحدة في يومين متتابعين ، لذلك لم يكن مسموحا قانونا بمواصلة اللعب بعد دخول يوم السبت 1 يونيو حتى لو عادت العناصر الودادية للملعب ، وهنا يطفو على السطح سؤال عريض ووجيه ، ماذا كان ينتظر الحكم كاساما من وراء ساعة ونصف من التوقف ؟ ، هل كان ينتظر تعليمات أو أوامر من جهة معينة ؟ هل يسمح القانون للحكم بالانتظار أكثر من ساعة ونصف والمباراة متوقفة ؟ ، لماذا لم يُفعّْل أجل الخمس دقائق ؟ هل كان لاعبو الوداد أصلا في حالة انسحاب ؟ هل كان الانتظار من أجل محاولة تدارك ما يمكن تداركه ؟، وما المقصود بعبارة الانسحاب ؟ وما الفرق بينها وبين رفض اللعب؟، وهل أنذر الحكم لاعبي الوداد للعودة إلى الملعب ورفضوا ؟ وكيف تتم مسطرة الإنذار تلك ؟ هل بواسطة عميد الفريق أم بواسطة الجهاز الإداري للفريق؟ ، وما هي اللغة المستعملة في ذلك إذا كان الطاقم لا يفهم لغة الحكم ؟ .
ومن ناحية قانونية ثانية ، فان قانون الفيفا لا يشير بأي صورة من الصور لتقنية “الفار” ، ولا يتحدث عنها في قوانينه ، ولا يعتبره من معدات ومستلزمات المباريات ، لكن ثمة أمور في قانون كرة القدم إذا تم الاتفاق عليها أو أقرها اتحاد اللعبة تصبح ملزمة لمن اتفقوا عليها ( فمثلا رغم أن مدة كل شوط في المباراة هي 45 دقيقة فانه يمكن للفريقين أن يتفقا على مدة 40 دقيقة فقط ) ، وعليه فمادام الاتحاد الإفريقي قرر استعمال تقنية “الفار” في المباراة النهائية بين الوداد والترجي ، ومادام قد استعملها فعلا في لقاء الذهاب بالرباط ، وكانت لهذه التقنية تأثير مباشر على نتيجة المباراة بسبب العودة غير الموفقة لها في مناسبتين ، فان مبدأ المنافسة المشروعة والشريفة ، والروح الرياضية ، وتكافؤ الفرص ، التي تعتبر من فرائض وقيم الرياضات عموما تلزم اللجوء وتوفير تقنية “الفار” في لقاء العودة بملعب رادس بتونس ، ولا يمكن قانونا وواقعا الاتفاق على التنازل عن استعمال التقنية المذكورة في لقاء الإياب ، فالأمر هاهنا ليس بيد الناديين ، بقدر ما هو قرار الاتحاد الإفريقي الذي يرمي إلى إنتاج مباريات عادلة بأقل أخطاء تحكيمية ممكنة ، ولعل التحجج بعطل في “الفار” يلزم الإتحاد الإفريقي باعتباره الجهة المنظمة تأجيل المباراة إلى حين إصلاح العطب ، ولا يمكن البتة المغامرة باللعب بدون “فار” ، تحقيقا كما قلنا سابقا لمبادئ تكافؤ الفرص والمنافسة الشريفة ، وعليه ففي هذه الحالة يستحيل على حكم المباراة أن يعطي انطلاقة المباراة المتوقفة ما لم يتحقق من جاهزية تقنية “الفار” ، لكونها باتت تشكل جزءا من المباراة على اعتبار استعمالها في الرباط ، وإقرارها من طرف الإتحاد الإفريقي .
كما تثار نقطة في غاية الأهمية تتجلى في ورقة المقابلة وما إذا كانت تتضمن أسماء حكام “الفار” ، فبوجود اسم حكم “الفار”على ورقة المقابلة فهذا يعني وجود “الفار “، وهنا تبرز نقط قانونية جديدة ، فالأخبار التي تحدثت عن أن لاعبي الفريقين علموا بتعطل “الفار” من طرف الحكم واتفقوا على الاستغناء عنه واللعب بدونه ، هي هذه أخبار يكذبها احتجاج لاعبي الترجي على الحكم بدعوى لمس الكرة للاعب الوداد في مربع العمليات ومطالبتهم الحكم بالعودة إلى “الفار” ، حسب ما تناقلته عدسات كاميرا المباراة ، فكيف لهم أن يحتجوا على الحكم ويطلبون منه الرجوع إلى “الفار” وهم يعلمون أنه عاطل أو معطل ؟ ، ثم ما هو دور شاشة “الفار” بجانب رقعة الملعب كما صورتها عدسات الكاميرا ؟ .
لنخلص إلى أن مباراة الوداد ضد الترجي سيكون لها ما بعدها ، فهي ستشكل قطيعة مع سلوكات لا رياضية نهجتها واقتاتت منها لوبيات الفساد الرياضي في كواليس “الكاف” ، ولعل عقد اجتماع الكاف في باريس وليس في القاهرة مقر “الكاف” يبعث برسائل عديدة لعل أبرزها محاولة المجتمعين التخلص من ضغوطات المصريين ، وهم المقبلون على تنظيم كاس إفريقيا للأمم ، ثم رفع كل حرج عن الاتحاد المصري الذي لم يقبل قرار توقيف حكمه جهاد جريشة التي يمكن وصفه أنه الحكم الذي عقل الوداد وقيدها في الرباط قبل أن يذبحها كاساما في عين عروس بتونس ، كما يريد أهل “الكاف” التحرر من ضغط مكان الاجتماع ونقله إلى أوربا من خلال غضبة الرئيس أحمد أحمد الذي أثبت أنه رجل عاجز عن تطهير الاتحاد ، فقد توالت نكبات التحكيم في عهده ، قابلها عقوبات بسيطة تحفز الحكام المذنبين على تكرار أفعالهم ، دون إغفال إمكانية استعانة الاتحاد الإفريقي في فرنسا بخبرات الاتحاد الفرنسي وربما الأوروبي قصد الخروج من واحدة من أخطر العقبات التي اعترضت كرة القدم ليس فقط الإفريقية بل والعالمية باعتبار الاتحاد الإفريقي جزء من تجمع الاتحادات القارية التي تشكل أضلع الفيفا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى