أولوية التعليم ببلادنا… إرادة ملكية، وتهاون حكومي الأساتذة الحاملون للشواهد العليا أنموذجا

عرف قطاع التربية والتعليم عقدين من الزمن اهتماما ساميا من طرف جلالة الملك نصره الله، وفي عدت محطات تاريمنذ خية أهمها خطاب العرش المجيد سنة 2015، حيث خصص خطابه نصره الله، موضوعا وشكلا، لقطاع التربية والتعليم ودعا لجعله أولوية في الإصلاح كما أسس لهذا الغرض المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وكلفه “بتقييم تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين وبلورة منظور استراتيجي شامل لإصلاح منظور التربية والتكوين بلادنا” بل وأكد جلالته أن إصلاح التعليم ” يجب أن يظل بعيدا عن الأنانية، وعن أي حسابات سياسية ترهن مستقبل الأجيال الصاعدة، بدعوى الحفاظ على الهوية. فمستقبل المغرب كله يبقى رهينا بمستوى التعليم الذي نقدمه لأبنائنا “.
ولما نتحدث عن إصلاح التعليم فإن أول مدخل من مدخلاته تكوين وتحفيز الموارد البشرية، كما هو الشأن في جميع بقع العالم، لأن أي إصلاع في هذا القطاع يمر عبر الأستاذ(ة) إلى المتعلم(ة) وحتى يكون التعليم مستجيبا لحاجات المجتمع الاقتصادية والمهنية والاجتماعية، لا بد أن يلائمه تكوين مستمر للموارد البشرية وتحفيز مادي ومعنوي للمدرس. لكن الحكومات المتعاقبة ووزراء القطاع سيما في الآونة الأخيرة يتعاملون مع هذا القطاع بنوع من المزاجية والأنانية والتقشف، ضاربين عبر الحائط كل التعليمات السامية ومتجاهلين في تسييرهم للقطاع الأولوية التي يجب أن يحظى بها قطاع التربية والتعليم ببلادنا، وخير دليل على ذلك عدم اعتراف الحكومة بالتكوين الذاتي المستمر لنساء ورجال التعليم الحاملين للشواهد العليا، فبالرغم من تقصير مسؤولي القطاع في توفير وبرمجة تكوين دائم ومستمر لنساء ورجال التعليم يلائم المستجدات وحاجات المجتمع، نجد بعض الأساتذة والأستاذات العصاميين والعصاميات يقدمون الغالي والنفيس لتأهيل أنفسهم أكاديميا في تخصصاتهم المختلفة ويجعلون من أدائهم المهني أكثر ملاءمة وفاعلية، وأكثر نجاعة في نقل المهارات والكفايات لأبناء هذا الوطن العزيز، وفي المقابل ينصدمون بسياسة نكراء تضرب مجهوداتهم الذاتية عبر الحائط وتنعت شواهدهم الأكاديمية بالغير المجدية، بل تحاول الحكومة في كل مرة إلغاء المراسيم والقوانين التي تلزمها بتحفيز هذه الفئة، أحيانا بالتصريحات المضلة وأحيانا أخرى بالتهرب من المساءلة سواء في البرلمان أو في منابر إعلامية، أو بالتجاهل لهذا الملف المتجدد كل سنة، في المشاريع القانونية المقترحة… وهكذا أصبحت أولوية التعليم في أغلبها لا تتعدى الإرادة السامية لجلالة الملك، في غياب التنفيذ الجاد للحكومة والانخراط العملي الحقيقي لقطاع التربية والتعليم بجميع مكوناته، فإلى متى سيتمر هذا الحال ومجتمعنا أكثر حاجة مما مضى إلى الإرادة السياسية الحقيقية للرقي بمستوياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتوقفة على هذا القطاع المصيري والمفتاح للانفتاح والارتقاء، والضمانة لتحصين الفرد والمجتمع من آفة الجهل والفقر، ومن نزوعات التطرف والانغلاق؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى