العلبة السوداء للملك محمد السادس .. الحلقة الثالثة : أندري أزولاي

لاشك أن المؤسسة الملكية، تتخذ عددا من القرارات الكبرى وتناقش ملفات هامة ومعقدة، بناءا على تشاور وتواصل مع أشخاص بعينهم يمثلون “حكومة الظل” أو “كاتمي أسرار الدولة”.

“العلبة السوداء للملك” ، أو “حكومة ظله” التي تضم أشخاصا انتقاهم عاهل البلاد بعناية وحرص شديدين، واستأمنهم على أسرار الدولة ومصير المواطنين، ووضع كامل ثقته بهم لمرافقته و الوقوف ورائه لتحقيق التنمية والسلم والاستقرار للبلاد والعباد.

يقول الصحفي ادريس ولد القابلة “مستشارو الملك يعملون في الديوان الملكي، وهو من أهم الأجهزة التي تعمل على صناعة القرارات السياسية الكبرى, باعتبار أن المؤسسة الملكية تحتل مكانة مركزية في النظام السياسي المعتمد بالمغرب”، ويضيف أن “الملك الحسن الثاني لم يكن يستحسن ظهور مستشاريه في الحياة السياسية وفي الإعلام إلا عندما يرى الضرورة لذلك، ويتميز عمل المستشار الملكي بالسرية اعتبارا لحساسية القضايا المعروضة على الديوان الملكي، ودوره يكمن في رسم القرارات التي تحدد السياسة العامة للدولة.”

وسنتحدث في هذه السلسلة الأسبوعية، عن أهم مستشاري الملك وأفراد ديوانه الأكثر تأثيرا، و الذين نجحوا في فرض وجودهم ونحت اسمائهم في بناء الدولة الحديثة.. فمن هم?

العلبة السوداء للملك محمد السادس .. الحلقة الثالثة: أندري أزولاي

يعد أندري أزولاي، أحد مستشاري الملك وأكثر الأسماء المقربة من مراكز القرار، التي تشكل شخصية فريد من نوعها، واكبت عصر الملك الراحل الحسن الثاني والملك محمد السادس، وتجمع بين مزيج ديني وثقافي وحضاري متنوع.

أندري أزولاي، المستشار الملكي اليهودي الأمازيغي العربي الأصل يقول في أحد تصريحاته الاعلامية :”أشعر أنني محظوظ كوني أقدم نفسي للمتحاورين معي كشخص غني بيهوديته وأمازيغيته وعروبته، وبمسار يمتد لقرون من الزمن حيث تمتزج الثقافتان الإسلامية واليهودية”.

أندري أزولاي، الشخيصة الفريدة من نوعها التي تميزت في الصحافة وعالم المال والأعلام والثقافة ، ونجح في الحصول على منصب مهم في الدولة، ليصبح أحد عناصر العلبة السوداء للملك، فما هي قصته؟

في 17 أبريل سنة 1941 ولد أندريه أزولاي بمدينة الصويرة، وسط أسرة مغربية أمازيغية يهودية، كان والده من أكبر المساندين للحركة الوطنية خلال فترة الاستعمار، وأعفي من وظيفته لهذا السبب.

تابع أندري دراساته الابتدائية والثانوية بالمغرب، قبل أن ينتقل الى العاصمة الفرنسية باريس، حيث حصل على شهاداته العليا.

في أول مسيرته المهنية، عمل أزولاي في بنك باريبا في باريس بين 1967 و1991، كما اشتغل بالصحافة كرئيس للتحرير بجريدة «ماروك أنفورماسيون» وحاور العديد من الشخصيات السياسية المغربية المؤثرة، كما التقى بعدد من المسؤولين الفلسطينيين وتعمق في “القضية الفلسطينية”.

بعدها، عاد أندريه الى المغرب، وعينه الملك الراحل الحسن الثاني عمل مستشارا سنة 1991 ، ثم مستشارا مكلفا بالجانب الاقتصادي لدى الملك محمد السادس.

تعيين أزولاي بهذا المنصب الحساس، وفق مصادر متطابقة، جاء لعلاقاته القوية مع شخصيات تابعة لعالم السياسة والاقتصاد والاعلام من أهم دول العالم.

كما يعد أزولاي أحد أبرز الشخصيات المدافعة عن التعايش بين اختلاف الأديان والحضارات والثقافات، وكذا القضية الفلسطينية لالمامه بالملف عبر لقاءاته مع مسؤولين فلسطينيين واسرائيليين ووساطاته المتواصلة لحل الملف.

كما أن شغف المستشار الملكي وحبه لمسقط رأسه، دقعه لجعلها وجهة سنوية لعشاق فن “كناوة”، وساهم في ابراز هويتها التاريخية والثقافية والدينية.

و موازاة مع عمله بالديوان الملكي، يتولى أزولاي رئاسة منظمة أنا ليند للحوار بين الثقافات وعضوية لجنة الحكماء لمبادرة تحالف الحضارات، ورئيسا منتدبا لمؤسسة الثقافات الثلاث في إشبيلية، ونائب رئيس مركز السلام في الشرق الأوسط، ورئيسا مؤسسا لجمعية الصويرة-موغادور والربيع الموسيقي للنسمات .

الى ذلك، يقال أن نجم المستشار الملكي أندري أزولاي طفا في الآونة الأخيرة، بسبب بروز أسماء قوية جديدة في دائرة القرار، غير أن المامه بعدد الملفات وعلاقته القوية مع عاهل البلاد جعلت منه عنصرا مهما من عناصر العلبة السوداء للملك.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى