الأعمال الرمضانية على القنوات العمومية.. أطباق فكاهية عسيرة الهضم‎

ربيع بلهواري _ هبة بريس

قبيل قدوم الشهر المبارك وأثناءه، تستأثر التلفزة المغربية باهتمام فئة عريضة من المشاهدين، بمن فيهم فئة النقاد والصحفيين والمهتمين بالإعلام السمعي البصري. وهذه ظاهرة في حد ذاتها تحتاج إلى قراءة تأملية ،وتزداد حدة الانتقاد للمنتوج الرمضاني عبر العديد من المقالات والقراءات التحليلية، ناهيك عن الفايسبوكيين الذين يكيلون للإنتاج التلفزيوني المغربي سيولا من السباب ويطالبون بالمقاطعة.

لقد دأبت القناة الأولى والثانية معا منذ سنوات على إنتاج العديد من السيتكومات والأعمال الهزلية المتنوعة الأنواع والمشارب، وقد وجدت هذه الأعمال صدى مهما لدى اللوبي الاقتصادي بالمغرب ،بسبب طبيعة هذه الأعمال التي تخاطب الجانب الغريزي عند المشاهد ،وتنأى بنفسها عن صداع الرأس ، فتقاطرت موجة الإشهار على القناتين خاصة في شهر رمضان وتوغل هامش الربح في صميم الصورة التلفزيونية مما أفسد وأضعف القيمة الفنية إن وجدت أصلا.وقد بدأ الكثير من الناس يستفسرون : هل نشاهد عملا تلفزيونيا وسط الإشهار أم نشاهد الإشهار وسط عمل تلفزيوني؟. وهذه الظاهرة لا تمس الإنتاج المغربي، بل العديد من القنوات العربية طغت عليها كذلك موجة الإشهار، باستثناء القنوات الإخبارية التي تخصص جزءا يسيرا للمنتوجات الاستهلاكية.

لقد غزا النمط الاستهلاكي الصورة التلفزيونية، وأصبح جزءا لصيقا بها، وذلك لتحسين الموارد المالية ومداخيل القنوات التلفزية، لكن الملاحظ أن المادة الدرامية تتأثر فنيا بالإشهار، وربما أن المنتوج الاستهلاكي يتأثر بدوره بحكم أن المشاهد ينفر من فرط تكراره بتلك البشاعة.

إن الإنتاج التلفزيوني لهذه السنة لم يعرف أي جديد، ومازلنا نكرر نفس الشخوص وأنماط المعالجة والكتابة ونفس الحكايات المنمطة فلا جديد تحت الشمس في هذا المستوى.

لقد صار التلفار يمرر في رمضان من التفاهة ويعيد تكرارها لدرجة أصبح معها وعي المتلقي الذي يعوزه الحس النقذي منمّطاً مُقَوْلباً لا يرى فيما يعرض إلا الحقيقة الكائنة والتي يجب أن تكون.ولا يحس بما يندس وراء سحر الصورة… ولا بما يستدخله فكره ،فلا يكون منه إلا أن يبني رؤيته للحياة والواقع من حوله وفقا لتلك الخلفيات المستدمجة في مخيلته فيأبى بعد أن استبطن قيم الاستهزاء بالآخر والتفنن في إحراجه من تلك البرامج السفيهة إلا أن يموضعها في الواقع ثم يبدأ مسلسل التطبيق على الأقرب فالأقرب وبذلك تستولي القيم الدخيلة التي تزرعها الشاشة في محل القيم الحقيقية التي لا يتحقق الإنسان إلا بها ..فيحدث أن تحتضر الأخلاق وينقرض الحياء وتنمو نوازع الاستهزاء والتغامز والتهكم والسخرية على الآخر ..فيفقد الإنسان بذلك وجوده وقيمته بفقده لمحدادته ومعاييره التي يختلف بها عن غيره.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى