خبير دستوري : قانون العفو عن معتقلي الحراك سيستفيد منه مرتكبو جرائم معينة دون تسميتهم

تقدم النائبان البرلمانيان عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، عمر بلافريج، ومصطفى الشناوي، بقانون العفو العام على معتقلي حراك الريف طبقا للفصل 71 من الدستور، والذي أعلن مجلس النواب في وقت سابق توصله بهذا القانون المقترح .

ويضم مقترح القانون 8 مواد، تترتكز بالأساس على إطلاق سراح جميع الأشخاص الموقوفين على خلفية الاحتجاجات التي عرفها المغرب منذ 28 أكتوبر 2016 إلى 28 يونيو 2018، والتي كان عدد من الأفراد المساهمين فيها موضوع متابعات أو توقيفات أو اعتقالات أو أحكام قضائية، مع الغاء كل الآثار القانونية المترتبة على الأفعال المرتبطة بذالك خصوصاً فيما يتعلق بملف معتقلي حراك الريف وحرية الرأي والتعبير.

وفي هذا الصدد ربطت جريدة هبة بريس الإتصال بخبير القانون الدستوري والشؤون البرلمانية، رشيد بزرق للحديث أكثر عن مقترح القانون والنبش في تفاصيله.

في البداية  ، ماهي قرائتك لمقترح قانون العفو العام على معتقلي “حراك الريف” المعروض على البرلمان والذي تقدم به النائبان البرلمانيان عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، عمر بلافريج، و مصطفى الشناوي، اعتمادا على الفصل 71 من الدستور.؟

 

سأحاول أولا تفسير هذه الآلية على اعتبار أن هناك فرق بين العفو الملكي و العفو التشريعي. فالملك له حق العفو الخاص بصفته رئيس الدولة، و حق العفو العام باعتباره الممثل الأسمى للأمة. أما العفو التشريعي الذي تقدم بمقترحه النائبين، فالمراد منه محو الصفة الجرمية عن بعض الأفعال المجرِّمة أصلاً. ويصدر هذا النوع من العفو بقانون عن السلطة التشريعية، فيشمل جريمة أو عدداً من الجرائم، ويكون من شأنه محو الصفة الجرمية عن بعض الأفعال. والهدف من العفو التشريعي هو إسقاط المتابعات على بعض الجرائم التي ارْتُكِبَتْ في ظروف سيئة غالباً ما تكون مرتبطة بفترات الإضطراب السياسي، أو الجرائم السياسية والجرائم ضد السلم المجتمعي وبعض الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي. ويتصف العفو التشريعي بطابعه الموضوعي؛ حيث يستفيد منه جميع المشاركين في الجرائم التي شملها العفو، كما أنه من حيث طابعه الجزائي فتقتصر آثاره على الصفة الإجرامية للفعل دون المساس بالحقوق الشخصية للمجني عليه. ويسري العفو التشريعي كذلك بأثر رجعي بمحو الصفة الجرمية عن الفعل منذ تاريخ ارتكابه. وعليه، فإن العفو الخاص بخلاف العفو العام، بحيث يؤثر في العقوبة فحسب، ولا يمتد أثره إلى الجريمة، فالعفو الخاص يُسْقِطُ العقوبة، ولا يسقط الحكم، ويمكن أن يصدر إما بإسقاط العقوبة كلياً أو جزئياً أو استبدالها بعقوبة أخف منها، ومن ثمَّ يدخل الحكم في احتساب التكرار واعتياد الإجرام، وفي أحكام وقف التنفيذ ووقف الحكم النافذ.

ما هي المرجعية الدستورية للعفو التشريعي؟

+ أعطى الفصل 58 من دستور 2011 للملك حق العفو، بينما منح الفصل 71 للبرلمان حق العفو التشريعي من خلال تنصيصه على ما يلي: “يختص البرلمان بإصدار القانون، بالإضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور مثل العفو”. وبالتالي منح الدستور للبرلمان بشكل صريح هذا الإختصاص المتعلق بممارسة حق العفو العام من خلال إصدار نص تشريعي. و مسألة العفو من ناحية المفهوم والمرجعية الدستورية، تبرز أن العفو الخاص يلغي كليا أو جزئيا العقوبة عن المحكوم عليهم دون محو الطابع الجرمي الذي ارتكبوه، بينما العفو التشريعي يمارسه البرلمان بإصدار نص تشريعي يسقط الصفة الجنائية عن الأفعال المرتكبة من طرف المتابعين. فالعفو التشريعي، يكون على شكل قانون يصوت عليه البرلمان، و الذي يرمي إلى إزالة الصفة الجنائية تماما عن الفعل المرتكب ومحو أثاره، سواء قبل رفع الدعوى أو بعد رفعها وقبل صدور الحكم أو بعد صدوره، فهو بذلك يوقف إجراءات الدعوى والمحاكمة ويمحو العقوبة في أي مرحلة تكون عليها الدعوى سواء قبل رفعها أو بعد تحريكها أو بعد صدور الحكم النهائي. غير أن هناك صعوبة، في أعمال العفو التشريعي بخصوص معتقلي أحداث الحسيمة، وذلك للأسباب التالية: كون العفو التشريعي سيزيل الصفة الجنائية كليا عن الأفعال المرتكبة ويمحو أثارها سواء قبل رفع الدعوى أو بعد رفعها وبعد صدور الحكم أو بعد صدوره. فهو بذلك يوقف إجراءات الدعوى والمحاكمة ويمحو الإدانة و العقوبة، ويستفيد منه مرتكبو جرائم معينة دون تسميتهم أو تعدادهم أو تحديدهم بصفة شخصية، كما يستفيد منه أيضا الشركاء والمتدخلون والمحرضون، وهو بالتالي يشمل العقوبات الأصلية والفرعية والإضافية.

هل يعتبر إعمال العفو التشريعي في معتقلي الحراك أمرا صعبا ؟

يصعب إزالة الصفة الجرمية على الأفعال الخطيرة المرتكبة كالتي توبع بها نشطاء الحراك، و تمت إدانتهم بموجبها بها ابتدائيا، وهي الأفعال المنصوص عليها في القانون الجنائي المغربي. والمتمثلة في تهديد سلامة واستقرار الدولة ومحاولة القتل العمد، وعرقلة سير ناقلة بغرض تعطيل المرور، وإيقاد النار عمدا، والقيام بشكل متعمد بتهديدات وأعمال عنف ضد الموجودين على متن طائرة. وهي كلها أفعال منصوص عليها وعلى عقوبتها على اعتبار أن القاعدة القانونية تبقى مجردة وعامة و لا يمكن أن تكون موجهة لأشخاص بعينهم.

و عندما يصدر العفو من البرلمان، فهو يقوم بواسطة نص بمحو الجريمة بأثر رجعي، وتزول معه العقوبة على الأشخاص المحكوم عليهم، ويعتبرون كأنهم لم يرتكبوا أية جريمة. بخلاف العفو الخاص الذي يحصر آثاره في إسقاط العقوبة، أو التخفيف منها، أو استبدالها بعقوبة أخرى أخف، أو استبدالها بعقوبة أخرى. كما أن العفو الخاص لا يمحو الصفة الجنائية عن الفعل المرتكب ولا يؤثر على ما ينتجه الفعل من أثار، وإنما يؤدي إلى انقضاء حق الدولة في تنفيذ العقوبة أو جزء منها.

والعفو الخاص، يصدر بموجب إرادة ملكية سامية باعتباره رئيس الدولة كمنحة يمنحها إلى أفراد معينين بصفتهم الشخصية لغايات إصلاحية ونبيلة وتزول بموجبه العقوبة عن المحكوم عليهم كلها أو بعضها، أو يتم تخفيفها أو استبدالها بعقوبة أخرى يكون باسم أشخاص محددين ولا يستفيد منه إلا من صدر باسمه أو حدده العفو الخاص. فهو لا يشمل إلا العقوبة الأصلية.

وفي الأخير، فإن العفو العام والعفو الخاص لا يؤثر على المطالبين بالحقوق المدنية الناتجة عن الفعل المرتكب من قبل المحكوم عليه، وتبقى الالتزامات المدنية. كما يستطيع أصحاب هذه الحقوق المطالبة بها بدعوى مستقلة، على أن محكمة الاستئناف هي صاحبة الاختصاص بالنظر في الشق المدني.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. على المسؤولين تنوير الراي العام ، ان كانت الاحكام مرتبطة بالخيانة او الوحدة الترابية فلا عفو ولا هم يحزنون. وان كانت طيش شباب بعد ان زاغ الحراك عن المطالب المشروعة للحسيمة ولكل مناطق المغرب. فمن الممكن ايجاد حل يرضي الجميع لاقفال هذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى