مصحة بتزنيت تعيش على إيقاع التسيب والفوضى

تعيش المؤسسات الصحية الخصوصية بتزنيت من عيادات ومصحات على ايقاع التسيب والفوضى في غياب أي رقابة من جانب السلطات المختصة، لاسيما مندوبية وزارة الصحة والسلطة المحلية والاقليمية، وتتجلى خروقات المؤسسات الخاصة في انتهاك القوانين الجاري بها العمل وفرض تسعيرات باهظة وعدم التصريح بالثمن المدفوع واشتغال المؤسسات في غياب الطبيب المسؤول… هزالة وتردي خدمات القطاع الخاص، تجعل هذا الاخير عاجزا عن تخفيف الضغط على القطاع العمومي، الذي يعاني بدوره من اختلالات جمة..

تتوفر تيزنيت على عدة عيادات خاصة في تخصصات مختلفة، بالإضافة الى مصحتين، أشهرهما تتواجد بالشارع الرئيسي بالمدينة… لكن خلف البناية الشاهقة المنمقة بالصباغة والمكونة من طابق سفلي وثلاث طوابق، وخلف اليافطة البيضاء، التي تتبجح بوجود ثلاثة تخصصات: طب، جراحة عامة، ولادة… واللوحة المعدنية التي تزعم توفر طبيبين في تخصص النساء والتوليد… توجد خروقات لا تعد ولا تحصى، تكشف استهتارا واضحا بالمسؤولية وتقصيرا بينا في احترام القوانين السارية المفعول، وفي هذا الصدد، طالبت المنظمة المغربية لحماية البيئة والمواطنة، في مراسلة الى باشا تيزنيت حصلت الجريدة على نسخة منها، بإيفاد لجنة لرصد الاختلالات القانونية التي تقترفها مصحة خاصة، تتواجد في شارع الحسن الثاني وتعود ملكيتها الى طبيبين في تخصص النساء والتوليد.. وحسب الوثائق، التي اطلعت عليها الجريدة، فإن المصحة المذكورة تعج بخروقات خطيرة تشكل خطرا على أرواح المرضى، الذين يتوافدون على المصحة من مختلف الجماعات بالإقليم للاستفادة من خدماتها، خصوصا في بعض الخدمات الحيوية مثل الولادة، التي ارتفعت شدة الطلب عليها بعد تعطل خدمات قسم الولادة بالمستشفى الاقليمي منذ مارس 2017 بسبب قلة الموارد البشرية..

مصحة تشتغل بدون طبيب !

حسب ما تم توثيقه من طرف مفوض قضائي، فإن المصحة، المتواجدة قبالة الوقاية المدنية، تخرق القانون المنظم للمصحات، حيث تستمر في تقديم خدماتها الى المواطنين في غياب أي طبيب، سواء تعلق الأمر بالطبيب المسؤول م،ل، الذي يتواجد في فرنسا منذ حوالي أسبوعين دون أن يقوم بتعيين طبيب آخر لكي ينوب عنه في تسيير المصحة، علما أن الطبيب الثاني في المصحة س،أ، توقف عن الممارسة منذ حوالي سنتين حسب تصريحات مستخدم في المصحة.. مع العلم أن مدخلها الرئيسي علقت به لوحتين معدنيتين تفيدان أن المصحة تتوفر على طبيبين في تخصص النساء والتوليد، لكن عند ولوج المرضى الى المصحة يتفاجئون بعدم تواجد أي طبيب، مما يطرح السؤال عن الجهة التي سمحت للمصحة بالاستمرار في ممارسة أنشطتها وتقديم الخدمات الصحية للمواطنين في غياب الأطباء.. كما وثق محضر المفوض القضائي غياب أفراد الحراسة في مدخل المصحة، ما يجعل الرضع حديثي الولادة عرضة للسرقة من طرف الغرباء واللصوص في ظل انعدام أعوان يحرسون الباب الرئيسي وغرف المصحة، حيث ترقد النساء رفقة مواليدهن.

حلول ترقيعية

لم يمنع غياب الطبيب المسؤول عن المصحة من استمرار العمل بالمؤسسة الصحية، حيث تم الالتجاء الى حلول ترقيعية تمثلت في الاستعانة بالطبيب م،أ صاحب عيادة في عمارة أزيوال، من أجل إجراء عمليات الولادة القيصرية، علما أنه غير متخصص في طب النساء والتوليد بل في تخصص الجراحة العامة… وهكذا يقوم الطبيب المذكور بإجراء العمليات القيصرية بالمصحة ثم يغادر الى عيادته، ما يجعل النساء النفساء تحت رحمة الممرضات وخادمات النظافة، اللائي يلبسن وزرة بيضاء للتمويه، في غياب أي طبيب يراقب تطور حالة النساء ومواليدهن، أو يتدخل كلما تعرضت احداهن لمضاعفات معينة بعد اجراء العملية الجراحية، وفي أسوء الأحوال، يقدم المساعدة للمرضى، الذين يرقدون في المصحة كلما دعت الضرورة الى ذلك.

وصفات غير مختومة وغير موقعة !

من بين خروقات مصحة شارع الحسن الثاني كذلك، منح المرضى وصفات دواء لا تستجيب للمواصفات القانونية، فالنسبة للنساء النفساء يكتفي القائمون على المصحة بوصفة نموذجية مطبوعة بواسطة الحاسوب، عوض تحريرها بخط اليد كما جرت العادة أي أن وصفة الدواء جاهزة مسبقا، تطبق على جميع حالات الولادة كيفما كانت طبيعتها، ناهيك عن كون الوصفة لا تحمل لا طابع ولا توقيع أي من الطبيبين المطبوع اسمهما في ترويسة الوصفة، حيث تكتفي الممرضات بإضافة لوازم النظافة واسم المريضة وتاريخ الوصفة بقلم الحبر… وهناك وصفات أخرى مكتوبة كليا بخط اليد، لكنها لا تحمل طابع ولا توقيع الطبيب المسؤول، ما يعني أنها محررة من طرف الممرضات عوض الطبيب كما يشترط القانون.

– الكنوبس يوقف التعامل مع المصحة

من المشاكل التي تعترض المرضى من ذوي التغطية الصحية سواء في القطاع العام او القطاع الخاص هو توقف الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي المعروف اختصارا بالكنوبس عن التعامل مع المصحة المذكورة بعد تبوث تلاعبات في ملفات المرضى، لهذا يجبر المرضى الوافدون على المصحة على أداء مصاريف الاستشفاء بشكل كامل لصندوق المصحة عبر دفعتين، حيث يدفع القسط الأول عند الولوج ويدفع القسط الثاني عند المغادرة.. ففي ما يتعلق بعمليات الولادة القيصرية تفرض المصحة على الزبون دفع مبلغ 1300 درهم عند الولوج ودفع مبلغ 7200 درهم عند المغادرة بواسطة شيك بنكي، أي أن مجموع الثمن المدفوع يصل الى 8500 درهم، لكن لا يتم التصريح في ورقة العلاج سوى بمبلغ 8000 درهم، أما مبلغ 500 درهم فلا يتم التصريح به.

المصحة المذكورة التي سارت بذكرها الركبان، لا تحمل من صفات المصحات سوى الاسم ولا تطبق من معايير المصحات سوى الأثمنة الباهظة، أما الخدمات المقدمة للمرضى فأقل ما يقال عنها أنها دون المستوى بكثير، ولا ترقى الى مستوى الخدمات المقدمة من طرف مصحات أخرى في المدن المجاورة.. لا يمكن أن تصور في القرن الواحد والعشرين وفي عهد ربط المسؤولية بالمحاسبة، وجود مصحة تستمر في تقديم خدماتها في ظل تواجد الطبيب المسؤول عنها، خارج التراب الوطني، وهي ممارسة اعتاد عليها صاحب المصحة، الذي يسافر باستمرار الى فرنسا، تاركا المصحة فارغة من أي طبيب في خرق سافر للقوانين.

ويبقى السؤال، الذي يطرح نفسه هو: من يغض الطرف عن خروقات هذه المصحة؟ ومن هي الجهة التي تحمي صاحب المصحة، الذي يستهتر بالقانون وبصحة المرضى ويسير مؤسسة صحية من حجم مصحة متعددة التخصصات بواسطة الهاتف انطلاقا من فرنسا؟ متى يتم ترجمة شعار دولة الحق والقانون على أرض الواقع؟؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى