هل الشارع الجزائري يثق في القايد صالح ؟؟

في الوقت الذي خاطب رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح عبد العزيز بوتفليقة في خطاب تلفزيوني للمطالبة بإستقالته وهو ما استجاب له هذا الاخير بسرعة، لم يهمد الشارع الجزائري خصوصا الشباب من اجل المطالبة بتغييرات كبيرة في نظام الحكم، و هو ما يعني ان القايد صالح بنفسه مطالب بالرحيل عن المؤسسة العسكرية ومنهج التحكم.

الحراك الشعبي الجزائري، وتطورات الوضع في الجارة الجزائر، بدأ يتجه نحو فرض مطالب سياسية أولا وبعدها تغيير نظام الحكم، ومن ضمنه المطالبة برحيل عدد من الاسماء التي عمرت لعقود في تدبير أمور الجزائريين.

فمن هو القايد صالح، الرجل الذي ازاح بوتفليقة للوصول لعهدة خامسة ؟؟

بعد حراك شعبي استمر شهرين، بدأ الشارع الجزائري يطالب بإسقاط النضام القائم، بما فيهم مجموعة من الاسماء في السياسة والجيش. فهل يثق الجزائريون في رجل كان مقرباً من بوتفليقة طيلة سنوات مرضه، واستمراره في التحكم؟

من هو صالح؟

ولد قايد صالح في ولاية باتنة في 13 يناير من العام 1940 والتحق بالثورة الجزائرية سنة 1957 وتقلد مراتب عسكرية في جيش التحرير الوطني ثم تحصل على شهادة من أكاديمية فيستريل العسكرية السوفياتية.

تولى صالح قيادة سلاح البر أثناء العشرية الدموية التي عاشتها الجزائر بين 1992 و 2002 وخاض مواجهات مع مجموعات متطرفة مسلحة.

وفي عام 2004 اختار بوتفليقة قايد صالح رئيساً لأركان الجيش خلفاً لمحمد العماري الذي عارض بشدة ترشح بوتفليقة لولاية ثانية آنذاك.

هذا وجمعت بوتفليقة بالقايد صالح علاقة ثقة جعلت من بوتفليقة يعينه عام 2013 نائبا لوزير الدفاع أي نائباً له في هذه الخطة. لم يعارض الفريق صالح بوتفليقة حين قرر تقليص نفوذ جهازي الاستخبارات والأمن التابعين للجيش بعد إحالة رئيس جهاز الاستخبارات الفريق محمد مدين الملقب بـ “توفيق” على التقاعد عام 2015، بل يقول مطلعون إنه كان وراء إزاحة توفيق.

توفيق لم يكن فقط رجل الاستخبارات القوي بل كان يختزل القوة في الجزائر ولُقب في فترة ما بـ ” زعيم الجزائر”.

اختفى فترة ثم عاد اسمه ليطرح مجدداً في خضم الحراك وسنرى كيف ومتى.

ما وقع بمصر من تحكم الجيش في الحكم، جعل الجزائريون يتخوفون من تكرار نفس تجربة ” السيسيي ” وتدخل القايد صالح في الحكم حتى لو كان الرجل خلف استقالة بوتفليقة.

كيف سيتعامل الحراك الشعبي مع هذا الرجل؟

بدأ قايد صالح علاقته بالحراك الشعبي مستخدما يوم 26 فبراير أي بعد 4 أيام من ظهور الحراك الشعبي لهجة التهديد والوعيد بحق من سماهم “من يلوحون بالعنف ويتجاهلون من يريدون العيش في كنف الأمن”.. متسائلاً “هل يعقل دفع الجزائريين نحو المجهول من خلال نداءات مشبوهة تتغنى في الظاهر بالديمقراطية وجر المغرر بهم إلى مسالك غير آمنة لا تؤدي إلى خدمة مصلحة الجزائر” في إشارة إلى الحراك الشعبي.

موقف صالح كان واضحا في البداية: دعم ترشح بوتفليقة إلى عهدة خامسة واتهام المعارضين بجر البلاد إلى مستقبل مجهول.

وقال آنذاك إن الجيش الوطني الشعبي بحكم المهام الدستورية المخولة له “يعتبر كل من يدعو إلى العنف بأي طريقة كانت، تحت أي مبرر وفي ظل أي ظرف، هو إنسان يجهل ويتجاهل رغبة الشعب الجزائري العيش في كنف الأمن والأمان”.

إلى أين يسير الحراك الشعبي بعد ازاحة بوتفليقة ؟

لاحظ متتبعون للشأن الجزائري مباشرة بعد الرسالة التهديدية للحراك، اختفاء الشريط المسجل لكلمة صالح من المنصات ومحوه من المواقع الإخبارية بل حتى التلفزيون والإذاعة المملوكين للدولة سحبا التسجيل من منصاتهما بعد تلقي أوامر من الجيش بمحو الفيديو.

لكن بعد ذلك الخطاب بأيام، تغير موقف قايد صالح من الحراك الشعبي 180 درجة وتغيرت معه نبرته في مخاطبة الشباب مِن وصفهم بـ “المغرر بهم” إلى الإعلان أن الجيش مع الشعب.

– إقالات في الجيش

قبل أشهر من إعلان ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة، شهدت الجزائر تحركات في الجيش والأمن. وفي شهر شتنبر 2018 أطاح بوتفليقة بنحو 80 المائة من القيادات الأمنية والعسكرية، وأقال قائد القوات البرية اللواء أحسن طافر، وأحال قائد القوات الجوية اللواء عبد القادر لوناس على التقاعد كما منع آنذاك خمسة جنرالات متقاعدين من السفر.

قال مراقبون في تلك الفترة إن هذه الحركة ليست من صنع بوتفليقة بل هي قرار صالح نفسه ملمحين إلى أن السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس كان يصدر مراسيم الإقالات باسم عبد العزيز بوتفليقة.

مايؤكد وجود قوتين كبيرتين آنذاك في الجزائر: السعيد بوتفليقة وقايد صالح، تسيران معاً لكن منذ ظهور الحراك كان على صالح أن يتحرك لإزاحة شقيق الرئيس قبل أن يزيحه.

وهذا ما يفسر ظهور خبر كاذب على قناة الشروق الجزائرية قبل يومين من إطاحة بوتفليقة تتدعي إقالة صالح، في محاولة لإرباك الجيش والشارع معا ومحاولة تغيير المعادلة على الأرض، لكن الواضح أن صالح كان أقوى من السعيد بوتفليقة فالقوة العسكرية بيده حتى لو كانت بها عدة تيارات لم تتضح بعد توجهاتها.

مباشرة بعد البيان الكاذب نقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن رئيس أركان الجيش قوله بعد اجتماع مع كبار الضباط: “لا مجال للمزيد من تضييع الوقت، يجب التطبيق الفوري للحل الدستوري المقترح المتمثل في تفعيل المواد السابعة والثامنة و102 ومباشرة المسار الذي يضمن تسيير شؤون الدولة في إطار الشرعية الدستورية”.

وقال صالح: “قرارنا واضح ولا رجعة فيه، نقف مع الشعب حتى تتحقق مطالبه كاملة غير منقوصة”.

وصف صالح المقربين من بوتفليقة بأنهم”عصابة كونت ثروات طائلة بطرق غير شرعية وفي وقت قصير، من دون رقيب ولا حسيب، مستغلة قربها من بعض مراكز القرار المشبوهة” في إشارة واضحة إلى السعيد بوتفليقة ومن معه. لهجة لم يتعود الشارع سماعها، فهذه “العصابة” كانت تجلس إلى جوار صالح طيلة سنوات، لماذا الآن صارت عصابة؟

يقظة الشارع الجزائري

تدخل قايد صالح لإطلاق رصاص الرحمة على بوتفليقة وإجباره على الاستقالة لم يقابلهما الشارع الجزائري بالثناء على صالح بل بالحذر، ولم يمنح الحراك صالح تفويضاً باسمه ليسير الحراك عنه ويتحكم بدفته، بل ظهرت فور تنحي الرئيس أصوات تنادي بعدم مغادرة الشوارع حتى تتنحى بقية رموز نظام بوتفليقة.

فالسينايو المصري حاضر بقوة في أذهان الشباب في الجزائر منذ اختيار صالح لهجة مهادنة ولطيفة باتجاه الحراك. السيناريو المصري يمثل هاجس الشارع الجزائري الذي رفع ضمن شعاراته قبل أيام “لا مكان لسيسي آخر في الجزائر” وكأنه يعي تماماً أن المخاطر حقيقية وجدية.

يقول ملاحظون في الجزائر إن قايد صالح حاد عن مهامه حين أعلن في 2 أبريل الجاري، أن على بوتفليقة التنحي فوراً، لأن بوتفليقة كان أعلن قبل أيام أنه سيغادر منصبه قبل 28 أبريل لتأمين سير مؤسسات الدولة، فما الذي جعل صالح يأمر بأن يستقيل قبل ذلك التاريخ؟ وهل له الحق في توجيه هذا التحذير للرئيس؟ .

تقول أصوات في الجزائر إن بوتفليقة كان يعتزم تكليف الرئيس الجزائري السابق اليمين زروال بتأمين المرحلة الانتقالية بعد تنحيه وإن الجنرال توفيق سلم السعيد بوتفليقة هذا الاقتراح ما أثار حفيظة القايد صالح، فالجنرال توفيق الذي أقيل من الاستخبارات قبل سنوات بإيعاز من صالح يمثل عدو صالح اللدود ولا يجوز أن يعود بأي شكل.

وتقول مصادر إعلامية إن صالح استخدم أساليب “القوة” اليومين الأخيرين ضد مقربين من بوتفليقة لمنع وصول زروال إلى مرتبة تحمل مسؤولية الفترة الانتقالية.

الآن وقد غاب بوتفليقة عن المشهد بعد أن مكث في الرئاسة عقدين من الزمن، ما يزال كثيرون في الجزائر يتذكرون استخدام صالح قبل أشهر للقوة بوجه من عارض ترشح بوتفليقة لولاية خامسة. صالح كان في عام 2013 مسانداً قوياً لترشح بوتفليقة لعهدة رابعة كذلك، بل هدد الحراك الشعبي قبل أقل من شهرين حين عارض العهدة الخامسة.. فمن يثق به الآن؟.

فالازمة الرئاسية الجزائرية، لن تنتهي في الوقت الراهن، بالرغم من مجهودات احتواءها في مهدها، فالشباب الجزائري يرى أن امامه فرصة تاريخية، من أجل تغيير نظام الحكم مدعوما بأصوات جزائرية بعدد من الدول من ضمنها فرنسا، فأي استقرار في الجزائر رهين برحيل أسماء عمرت لعقود، واعمال الديمقراطية من أجل الاستمرار في بناء مغرب عربي قوي، دون وجود قضايا بين الحكام المغاربيين، او دعم فصائل تشوش على تقدم الشعوب المغاربية، وخير دليل على هذا دعوة الشعب الجزائري بطرد ” البوليساريو ” وعدم دعمها من أموال الجزائريين.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. قايد القعدة صالح هو الاشرس فساد في الجزائر والعصابات كما ادعى هو حاميها والتعبير مجرد وصف لكسب ثقة الشعب حتى تتاح له الفرصة والوقت لإعادة نفس النظام بماكياج متقون وسيناريو موثوق به.
    وفعلا من يفقه في كيفية تدار السياسية في الجزائر يلاحظ أن التنظيم المافيوزيالحاكم قبضته على البلاد والعباد انطلقت ضباعه تصهل وتنبح وتموء عبر القنوات لتعبيد الطريق لقايد القعدة صالح لإعادة زرع فصائل النظام بشكل مضهري مغاير.
    الجزائر لن تخرج من نمطية الحكم الحاكم العسكري 57سنة وهو متمسكا بالسلطة و المال صعب جدا جدا فك إجباري على ترك ما يعتقد انه ملك مملوك عقيدة و عقده.
    أراد الشارع الاعتراف به لقد طبل وزمر وزغرد وهللت له أبواق النظام ورفعت معنويات الشباب ووصف الحراك عالميا لا مثيل له سلميا وحضريا وليس قبله ولا بعده مثيل
    طبعا سبقه حراك الزهور الصفراء في جورجيا وميدان التحرير في مصر ما علينا الجزائر لوحدها ترى ما لا يراه الناس

  2. الشعب والجيش ملاحم وكل الشعب الجزائري ادى الخدمة الوطنية في صفوف الجيش والشعب هو كذالك جنود احتياطين والقايد صالح هو جزائري ابن الجزائر ودافع عنها ضد الاستعمار وهو من كون جيشا حديث ومتطور حتى اصبح في الرتبة 23 علميا و2 عربيا وافريقيا والشعب الجزائري ملتف حول جيشه

  3. القايد صالح هو من اكبر الفاسدين في جهاز الحكم بالجزائر وهو ضد قيام اتحاد مغاربي ولكن الملاحظ على الشباب المغربي هو الهجرة والزواج باجنبيات و ما بقي منهم فهو مغلوب على امره وهي سياسة مخزنية لتفريغ المغرب من ابنائه المخلصين مقابل تعمير البلاد بالافارقة حتى تتبدل مكونات المجتمع ويصبح غريبا عن اصوله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى