خلط الأذان بترانيم الديانات السماوية لإشاعة رسالة السلام التي بني عليها الإسلام

أحمد مصباح – الجديدة

على إثر التدوينات التي خرج بها في العالم الأزرق بعض من يعتبرون أنفسهم فقهاء ورجال العلم والدين، ومتفقهين في أمور الدنيا والأديان السماوية، وأدلوا بدلوهم واجتهاداتهم في مسألة دمج الأذان بما اعتبر “بمعاني الوثنية”، أو “طقوس خلط الأذان مع ترانيم المسيحية واليهودية والموسيقى”، كان للجريدة اتصال مع الأستاذ أبو القاسم الشبري، الخبير في التراث، حول ما إذا كان ثمة شيء في الدين يمنع استعمال الموسيقى لإشاعة رسالة السلام التي بني عليها الإسلام، الذي يدعو إلى التسامح والتعايش، والعيش في سلم وسلام. فكان رده على المنتقدين كالتالي:
في ظل الوضع العالمي اليوم، لا يمكن للمرء أن يتفاجأ لخرجات متدينين متزمتين، وفي الآن ذاته لا يمكن للمرء إلا أن يستغرب بعض هاته الخرجات والفلتات التي تعبر عن فكر “ماضوي متخلف”، ويؤكد أصحابها بأنهم مازالوا لم يفهموا لب الدين الإسلامي، وروحه وفلسفته في الحياة، وفي التعامل والمعاملات، وكأنهم لم يقرأوا سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
لقد تربع المسلمون على عرش الحضارة لقرون، حين انكبوا على العلم والتحصيل والنهل، بكل انفتاح من كتب الإغريق والفرس، ولم يغلقوا على أنفسهم باب الاجتهاد. وتردى المسلمون أسفل سافلين في درج الحضارة، منذ يوم حصروا وحاصروا أنفسهم فقط في معادلة حلال/حرام.
وأنا أستغرب اليوم ما صدر مثلا عن بعض من رموا بالوثنية الحفل الفني الذي تابعه قداسة بابا الفاتيكان فرانسيس، والملك محمد السادس، أمير المؤمنين، بمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة. فمن يفهم ولو فقط معنى عبارة “إسلام” حتى دون الغوص في مبادئ الدين الإسلامي، سيفهم بسرعة ودون عناء أن الإسلام استمد إسمه من “السلام”، أو لنقل بالأحرى أن الإسلام هو السلام، وقد بني على السلام، وعلى المعاملة، وليس على العقائد والتشريعات والعبادة. ولذلك، فحتى التحية في الإسلام هي “السلام”، وليست “غود مورنينغ” أو “بونجور” أو “هاي”. ولذلك، فإن روح الإسلام وفلسفته تقوم على إشاعة روح السلم والسلام بين البشرية جمعاء، وحتى بين الأعداء. ولنا في سيرة سيدنا محمد (صلعم) أمثلة لا تعد ولا تحصى في مسالمته لأعدائه وللكفار. ونعتقد صادقين أن الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، لم يفعل سوى اتباع هذه السنن الحميدة المستلهمة من سيرة الرسول الكريم.
إن ما قيل في لغط وسخط أنه خلط بين الآذان والموسيقى، ورمي ذلك بالوثنية، فهو حكم باطل ولا يستند سوى على شطحات ذاتية، وذلك لأسباب نحاول إجمالها كما يلي:
أولا، إن استعمال عبارة “الوثنية” بصيغة القذف، يستوجب العقاب لتحقير دين سماوي بعث الله فيه برسالة ونبي؛
ثانيا، إن عبارة “الوثنية” تحيل على آلاف السنين خلت، ولا تنطبق اليوم على اليهود والمسيحيين والمسلمين؛
ثالثا، إن الأذان لم يكتمل حتى ولو اعتبرنا ذلك المطلع أذانا. ومن ثمة، فهو ليس أذانا بالمعنى الحصري والفقهي والعقدي؛
رابعا ، حتى لو سلمنا بأنه أذان، فإن شروط الأذان لم تتوفر لتلك اللقطة، أو الطلعة الفنية لحفل فني، وبالتالي فهو تمثيل للآذان؛
خامسا، إن التشبث بالمبنى يؤثر سلبا على المعنى. وفي حفل معهد محمد السادس، ولقاء أمير المؤمنين ببابا الفاتيكان، فإن المعنى هو أهم من المبنى. فالقائدان الروحيان، أمير المؤمنين، وقداسة بابا الفاتيكان، طبقا تعاليم دينيهما في الجمع بين الناس وإشاعة رسالة السلام في الكون. فجاءت لوحة فنية رائعة امتزجت فيها روحانيات الإسلام والمسيحية واليهودية، لعل البشرية اليوم تكف عن التطاحن وإراقة الدماء، بأسباب سياسية أو اقتصادية، أو لتعصب ديني يزرع الكراهية، ويطمس المشترك بين الناس بينما إلهم واحد؛
سادسا، إن مطلع الأذان جاء لحظة صوفية ترتعش لها الأبدان. ونعلم أن المتصوفة الكبار وأعظم علماء الإسلام المتصوفة، زاوجوا بين الأمداح والتراتيل والرقص والموسيقى، وليس فقط بين الأمداح والموسيقى، فحتى الرقص كان حاضرا. فأين مكانة أشباه علماء اليوم بين هؤلاء العلماء العظام القدامى؟؛
سابعا، إن الافتتاح بمطلع الأذان، وليس بترانيم اليهودية أو المسيحية، هو إعلاء لدين الإسلام، وتأكيد على ختمه للرسالات، وجمع الإسلام لكل الديانات السابقة عليه. فلماذا لا نرى النصف الممتلئ من الكأس؟؛
ثامنا، لا نظن أنه في 14 قرن خلت، يوجد ثمة نص يمنع خلط الأذان بالموسيقى؛ كما لا نعرف آية في القرآن الكريم تحرم أو تجرم الموسيقى، إذا لم يشرح المتزمتون القرآن على أهوائهم و”معتقداتهم” هم، كما يشرح المتزمتون في الديانات الأخرى نصوص دينهم على هواهم. فما يجمع بين المتطرفين هو التطرف وليس الدين، أي دين، وروح الدين وفلسفة؛
تاسعا، يعتبر الفايسبوك من بين الأزلام والأصنام، فهو إذن عربون “وثنية نصرانية”. ولذلك، فإن من يكونون تسلحوا بصنم من أصنام الوثنية، ليهاجموا أناسا مسالمين أدوا لهم التحية، فلم يردوا عليهم لا بأحسن منها ولا بمثلها، بل هاجموهم وتهجموا عليهم، وأضروا بنفسيتهم، مثلما أضروا بأنبيائهم المسالمين.
وختاما، نسأل كل متزمت ومتطرف:
لماذا تُحَملون على هواتفكم المحمولة تطبيق الأذان، عند موعد كل صلاة، وتطبيق تلاوة القرآن، بينما من صنع الهاتف والحاسوب، ومن برمج التطبيقات، هو مسيحي أو يهودي، أي وثني في نظركم..؟
ولماذا ترمون المسيحية واليهودية بالوثن، بينما لا تستهلكون في حياتكم إلا ما صنعه أبناء تلك الديانتين؟
إذن، فكل شيء وثن وحرام: الطائرة والباخرة والساتل والفاكس والحاسوب والتلغراف، بينما هي كلها وسائل تقرب البعيد وتُلاقي وتُشافي وتجعل الناس ينعمون بما سخر الله لهم من نعم، وقد فضلهم على باقي الخلائق، فخلقهم في أحسن تقويم.

مقالات ذات صلة

‫12 تعليقات

  1. اولا اسالوا اهل الذكر اي العلماء.و ثانيا اتحدى احد ممن تسألون ان يأتي بحديث صحيح عن النبي ورد فيه الخلط او المزج بين الاذان و الموسيقى.

  2. كان عليكم ان تتصلوا بالعلماء المعترف بعلمهم من امثال السيد بن حمزة او العبادي وأما ان تتصلوا بخبير في التراث فأنتم تعتقدون اننا مداويخ.
    والله اعلم.

  3. اسالوا اهل الذكر و لا يحق لأي أحد أن يجيب على اسءلة تتعلق بالدين. و اهل الذكر هم العلماء الكبار في مجال الدين الإسلامي.

  4. احترموا الدين الاسلامي وجميع الاديان ولا تدخلوها في عفن الفن.
    لا شيء يعلو على صوت الاذان. وخلط الاذان بصياح وجعجعة ترانيم شركية هو طقس شيطاني، وهو وسوسة من ابليس اللعين لاتباعه الاذلة من الانس كي يحاول تحقير الاذان الذي يزعج ويطرد الشياطين ولن يتأتى له ذلك. ان كيد الشيطان كان ضعيفا.

  5. العذر أقبح من الزلة.ليس هناك من ديانة سماوية غير الإسلام منذ خلق أبونا أدم و أما اليهودية والنصرانية فهي شرائع سميت بأسماء أصحابها.ولذلك كان شريعة نبينا خاتمة لها وناسخة لها جميعا. ولو بحت عن غيرها ما وجدت غير المحرف منها.حبذا لو تفضل صاحب الثراث هذا ليقول برأيه في الأيتين ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه.لا أعبد ما تعبدون و لا أنتم عابدون ما أعبد ….

  6. شكرا لصاحب الموقع
    هادشي راه مزين ممقبول ولكن اش غادي ايكول الميت قدام غسالوا
    معندي جهد سوى قول حسبي الله ونعم الوكيل
    وان الفلب بكى وشكى الى خالقه وننتظر حكمه انشاء الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى