عــلى كرسي الانتظار .. أحلام من اجل الوطن

عبـداللـه عـياش ـ هبة بريس

تتراكم الأحلام ..نحقق بعضها ونعجز على تحقيق اخرى ..يترسخ قليلها في الذاكرة بينما تذوب البقية مع الاستعصاء بعدما ندرك ان المطلب مستحيل …

احلام الصبا والشباب تختلف تماما عن اماني النضج ..فبينما الهزات تربك الاعصاب.. وفي الطريق الى التيه رأيت نفسي مستشارا ملكيا حلما ، استطيع ان اتحدث ..في طريق الدوخة قلت اشياء وتمنيت اخرى ..وعلى قدر ما هي سهلة ممتنعة وجدت نفسي مضطرا لأخطها..حلم ايها السادة …

بداية الحلم مربكة ..كوني سأتحدث سوف اتمنى الا يكون رئيس الحكومة المقبل من قبيل بنكيران والعثماني ..فتعيين رئيس حكومة ينتسب لسلالة العامة المسحوقة لن يزيد الشعب الا فقرا ..رئيس حكومة كان اجره الشهري اقل من 3000 درهم سينظر الى هذا المبلغ بـ “الممتع والكامل .”

سأتمنى ان يكون رئيس الحكومة المقبل من دأب على تناول وجبة فطور بـ 1000 درهم وبيتزا مع كأس ويسكي على ضفاف شاطئ فرنسا بـ 2000 درهم ووجبة عشاء خفيفة لا تقل عن 500 درهم ..كل هذا لكي يشعر بنا ويتحسس الفرق الشاسع بين رواتب ضخمة واخرى قريبة من الانتهاء ..وبعد ان يقارن بين مستوى عيشه وعيشنا يلين قلبه علينا ولن يكون بوسعه الالتفاف على حقوقنا المكتسبة كما فعل بنكيران والعثماني ..

تقول التجربة ان الذين جاءوا للتسيير وفي هواتفهم النقالة “كتب إسلامية للتحميل” و ” نصائح تحملك للجنة ” و ” اذكار مسلم ” انتهى بهم الحال في الخيانات والفضائح وهو مؤشر دال على ان الصورة ليست كالفعل بما يعني ان ولوجهم لمكاتب المسؤولية سيكون له الوقع الاسوء على البلاد والعباد ..هؤلاء لا يمكن ان يتجاوزون في المسؤولية وزارة الاوقاف تحت مسؤولية وزير يختلف معهم كليا .

كل هذا لأجل دحض “الشعبوية ” والانتهاء من الصهيل والضوضاء الفارغ ، فمستقبل البلاد يكمن في إرساء أسس اقتصاد المعرفة، ودعمه وتشجيعه، بدل الاقتصار على ” الضرب تحت الحزام ” و”مغافلة الشعب” والركوب على الاحداث بما يخدم صناديق الاقتراع .

احلم ان اقول ان هذا الشعب لا يكترث للأرقام الكبرى بقدر ما يريد ان يسجل تحقيقا ملموسا فيما يتعلق بالعلوم والتكنولوجيا، إذ أنهما بمثابة الدفاع العلمي للبلاد، لمنع الآخرين من فرض سيطرتهم عليه من خلال قدراتهم العلمية والتكنولوجية.

احلم ان اقول ان الدول تسارع للاستثمار في قطاع العلوم الاستعرافية أو علوم الادراك، من أجل التمكن من فرض السيطرة على العالم من خلال الحصول على أسرار الدماغ والعقل، وأن العصر الذي نعيش فيه هو عصر البرمجيات وليس عصر ” انا حزبكم المثالي ” و” البرامج الانتخابية الفضفاضة ” .

احلم ان اقول ان جزء من هذا الشعب يموت غيضا من صور البذخ التي تظهر على القلة وان الحياة الاجتماعية تقتصر اقتصارا شديدا على تنزيل سوط العقاب على المخالفين وانه وجب التمعن في قول عمر بن الخطاب “إن الله قد استخلفنا عن خلقه لنسد جوعتهم، ونستر عورتهم، ونوفر لهم حرفتهم، فإن وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها ” قبل ان يضيف “إن هذه الأيدي خلقت لتعمل، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية ”

احلم ان اقول كما قال الخبير الاقتصادي المغربي احمد كشيكش في سابق تحليل له أن مواجهة أزمة البطالة متوقفة على اعتبارين اساسيين :

ـ تشجيع الاستثمار في القطاعات الأكثر حاجة إلى اليد العاملة، وهو أمر لا يمكن تحقيقه بدون استخدام الحكومة لترسانتها الكاملة في محاربة الفساد والبيروقراطية، بالإضافة إلى تقديم دعم كبير لتمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة ”

ـ إعادة النظر بشكل كبير في النظام التعليمي المغربي العام، فالطالب المغربي يصل إلى البكالوريا، وهو غير مؤهل لا لإدماجه في سوق الشغل، ولا لإكمال دراسته في الجامعات المغربية، وهي الجامعات التي لا تمتلك هي الأخرى القدرة على تكوين خريجين مؤهلين لولوج سوق الشغل.

احلم ان اقول انه وجب تحديد الأهداف وتجديد الرؤية تجاه المشكلات واستحضار التخطيط الاستراتيجي لكل البرامج التنموية مع اشراك رجال الاعمال في الرؤي المستقبلية للوطن ..سأقول انه وجب اطلاق العنان للمفكرين والمبدعين ليخرجوا المارد من داخلهم والحرص على الإشادة بنجاحاتهم…لم يعد الوقت يسمح للتقليل من الجميع …الكل مسؤول والكل معني .

سأقول انه يجب ان نفهم جميعا ان الدول المتقدمة لا يوجد بها اشخاصا اكثر ذكاء ونبوغا، وعبقرية، من شبابنا رجالا ونساء ، ولا هُم يتميزون بقدرات خارقة؛ ولكن فقط لأن ثقافتهم قابلة لاستنبات عوامل التنمية، ..فقط هناك عوامل تشق طريق التقدم، وأخرى ترسخ التخلف ..وهذا لا يمكن ان يتحقق الا اذا افسح بعض الشيوخ المجال امام العنصر الشبابي لرفع المشعل ..

علينا بالإرادة بصفتها محرك يمتلكه الانسان للبحث عن أسباب التقدم والرقي والتسلح بالعلم والتميز بالديمقراطية على اعتبارها النظام الوحيد الذي يحقق العدالة …وهذا من السهل الوصول اليه اذا كان الجميع يعترف باختلاف الادوار دون اللجوء الى سياسة ” باك صاحبي ” و ّ ذهن السير سير ”

علينا بالوطنية كونها الاحساس الذي يدفعك لحب للأرض فقد تضيق الأوطان بأهلها، وينعدم شعورهم بإنسانيتهم، وبالتالي: يضحون بحبهم، وانتمائهم لأوطانهم، مقابل البحث مجددا عن انسانيتهم، في بلدان أخرى ..وهذا لن يحصل الا اذا تجسدت الديمقراطية واصبح الجميع تحت القانون سواء ..العدل ثم العدل ثم العدل

سأتحدث قائلا ان البلاد تراوح مكانها بسبب تنصل الجميع من المسؤولية وايجاد مبررات وشماعات لأخطاء مصيرية وسأقول اننا في حاجة لمشروع نهضوي وزعامات وطنية تعبّئ الشعب وتوحّده، وتقوي الهوية الوطنية والحس الوطني بعيدا عن الحساب والولاءات والنزاعات والأجندات الفئوية .

سأركز في القول على ضرورة انهاء مشاهد ” الحكرة ” التي تطال البعض ، فالظلم لن يبق للمواطن الحافز والفرصة للانخراط في الشأن العام بل سيضعف لديه الحس الوطني وسيميل به إلى الخلاص الفردي، وعليه يصبح ضروريا تحفيز الأفراد لتغيير ما بأنفسهم وأوضاعهم من اجل تكوين علاقة تفاعلية بين صلاح الناس وصلاح الأوضاع تفضي إلى نهضة مستدامة.

سأتحدث هنا وهناك، سأقول كل شيء عن الشارع والمدرسة والمجتمع، عن المستشفيات..عن الاحلام والأماني ..عن العنوسة والقهر النفسي ..عن العطالة والبطالة ..سأقول ان اموالهم وارصدتهم ستكون تحت مجهر المراقبة ومن اموالهم صدقة لفقراء هذا الوطن ..

سأكون بارعا في الحديث حول الواقع والاخر ..خبيثا مع نفسي ..سأطلق زوجتي الفقيرة وسأجلب جديدة تراعي ” بروتوكول الحضور ” ..لن اترك الزمن يمر دون ان احدث بداخلي ثورة ..سأدخل للفيلا ليلا سكيرا ..وساترك خلفي زمن ” الجوطية ” وملابس ” البال ” ..سأنفث يمينا كلما عاودني الحنين للماضي ..

سأستغل منصبي لأفسح المجال امام اخوتي وعشيرتي للحصول على مناصب شغل قارة ..لن اكون مغربيا اذا لم اترك في مجلد السوابق العدلية “مواطن مسؤول انقلب على المبادئ فصار مع التيار ” ..انتهى الحلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى