الاضـراب بين المشروعية وسياسة الـقمع

حسب الفصل 14من الدستور المغربي “حق الاضراب مضمون،وسيبين قانون تنظيمي الشروط والاجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق”ودساتير 1962و1970و1972ودستور1996تؤكد الفصل نفسه وبنفس الشروط وسيتم تأكيد لاحقا في دستور 2011.وفي نفس الحقل-أي الدستور-نجد الفصل التاسع منه ينص على حرية تأسيس الجمعيات وحرية الانخراط في أي منظمة نقابية او سياسية”.

وعلى الصعيد الدولي تنص اتفاقية العمل الدولية رقم 87على “اعتبار الحق في ممارسة الاضراب حقا اساسيا ومظهرا من مظاهر الحرية النقابية”وااتفاقية رقم 98بشأن تطبيق مبادئ الحق في النتظيم والمفاوضة الجماعية،ليس باعتباره غاية في حد ذاته ،ولكن باعتبارالاضراب ترجمة لازمة المفاوضة الجماعية وظروف العمل التي تبقى الهدف الاسمى”

فلنتحدث اذن عن ظروف العمل التي تعتبر الحق الاسمى؛كيف تتحقق هذه الظروف  -بغض النظر عن كوارث العمل بالمجال القروي والبنى التحتية الهشه والظروف القاهرة التي يعانيها العمال بمختلف فئاتهم-كيف تتحقق هذه الاخيره في ظل القرارات العشوائية للحكومة (الزيادة في سن التقاعد-الاقتطاعات من أجورالموظفين-أساتذة سد الخصاص-فرض الضريبة على التجار الصغار-رفع الدعم عن المحروقات وأسعار المواد الغذائيه…..وأخيرا فرض نظام التعاقد على موظفي وزارة التربية الوطنية …..وكيف يتحقق ذلك التفاوض الجماعي في غياب حوار حقيقي بين النقابات والحكومة.هذه الاخيرة التي تخلت عن التفاوض واستبدلته ب”زراوط السلطة” والحاق الاذى بالأستاذ وتحقيره وقمع الاجراء…..وعودة الى موضوعنا السابق..اعتادت الحكومات السابقة على تقديم قراراتها التنظيمية بخصوص تقنين حق الاضراب وفق الفصل14من الدستور..والذي ظل دائما حقا مشروعا..أما بالنسبة لحكومة2016 كانت قد التزمت في ولايتها التشريعية الاولى-حسب اخر الدراسات بمجلس المستشترين-بتقديم جميع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور وكان القانون التنظيمي على الشكل التالي”قانون رقم65.99المتعلق بمدونة الشغل ينص على”الاضراب هو توقف جماعي عن العمليتم بصفة مدبرة ولمدة محدودةمن اجل الدفاع عن الحقوق أو مصلحةمن المصالح الاجتماعية او الاقتصادية المباشرة للأجراء المضربين”ويشمل هذا النص الموظفين والاعوان المستخدمين لدى ادارة الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية ولدى كل شخص اعتباري اخر من أشخاص القانون العام”.

وفي نفس القانون التنظيمي «يعتبر الاجراء المشاركون في الاضراب في حالة توقف مؤقت عن العمل خلال مدة اضرابهم وفي هذه الحالة لا يمكنهم الاستفادة من الاجر عن المدة المذكورة”فهل يعتبر تنظيم حق الاضراب بهذا الشكل وبهذه الشروط تحقيقا لمشروعية الاضراب؟؟؟الجواب” لا بطبيعة الحال”.فان كان للعثماني تبريرات فيما يخص الغاء صندوق المقاصة وتجميد أجور الموظفين ..فهل من تبريرات لإلغاء مشروعية الاضراب الذي يعد حقا دستوريا ؛نعم يعد تنظيم حق الاضراب بشكل يجعل الاجير يعاقب بأي شكل من أشكال العنف المادي(القمع)والمعنوي(الاقتطاع) اخلالا بحق دستوري.

وان كان المشرع المغربي قد بالغ في زجر المتظاهرين حسب الفصل 288من القانون الجنائي؛فذلك مرده الى كون التظاهر يتحول وفق هذا الفصل الى تحريض على التوقف عن العمل باستعمال وسائل الايذاء او العنف او التهديد..وهنا يكون الاجراء منطقيا لان التحريض سلوك عدواني يخل بسير المقاولة ويستدعي الشجب ولكن رغم ذلك هذا القانون قابل للنقاش في الجزء المتعلق بسبب الاضراب وما اذا كان هذا الاخير متعلق بتحقيق ظروف عمل مواتية ..ويبقى الامل الاخير هو التعديل المرتقب للمادة 14من القانون التنظيمي حيث”يعتبر الاجراء المشاركون في الاضراب في حالة توقف مؤقت عن العمل خلال مدة اضرابهم “مالم يكن سبب الاضراب يتعلق بظروف العمل التي تشكل خطرا حالا على صحة الاجراء أو مسا خطيرا بحقوقهم الاساسية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى