ما بين تعديل الفصل 47 من الدستور و نمط الاقتراع… البحث عن حكومة منسجمة‎

رضى لكبير – هبة بريس

اعتبر خبير القانون الدستوري رشيد لزرق، بأن الطبقة السياسية بالمغرب، مجبورة على العمل الجماعي و التمسك بـ”التوافق”، والبحث عن حلول معقولة سياسيا ومقبولة دستوريا في كنف الإحترام الكامل للمؤسسات، وهو ما ينبغي انضاج النقاش على ضوء تقييم التجربة الحكومية بعد مضي أزيد من ثمان سنوات و فتح المجال لإجراء تعديل في نمط الاقتراع من أجل إحداث إصلاح سياسي يتمخض عنه مساءلة الفصل 47 بغية الوصول للحكومة المسؤولة.

وكشف رشيد لزرق بأنه لا يختلف اثنان في أننا نعيش أزمة حكومية، قوامها التنصل من المسؤولية السياسية، و تقاذفها بين الأغلبية الحكومية، فتخرج تداعيات هذه الأزمة بين الفينة و الأخرى في شكل تراشقات بين أطرافها، و التي تؤثر سلباً على الثقة في الحكومة، و الفعالية في مباشرة مهامها، و بالتالي فهذا التنابز الدائم يطرح السؤال حول السبل الكفيلة لتقييم التجربة الدستورية وهل هي أزمة نصوص أم ضعف في االنفوس.؟!

فطبيعة البنية السياسية و الديمغرافية، في مجتمع كالمجتمع المغربي الذي قوامه التنوع و التعدد تحتم التدبير عبر آلية التوافق، غير أن هذا النوع من التدبير يفتقد إلى رجال دولة، مما جعل التحالف الحكومي الحالي يبتعد عن نبل التوافق الذي غايته المصلحة الوطنية و يسقط في في مزاد المحاصصة الحزبية.

و في سياق متصل، أضاف لزرق على أن هناك اتجاها ثانيا يرجع هذا الوضع الى التعاقد الدستوري و ما يسمونه بالبياضات، و يدعو لتعديلات دستورية ضرورية لتوضيح هذه البياضات بعد تقييم التجربة.

بينما فريق ثالث يسترسل المتحدث، على أنه يتجه إلى معالجة هذا الإختلال الحكومي، بضرورة إصلاح سياسي مدخله مراجعة نمط الإنتخاب المعتمد القائم على التمثيل النسبي، الذي أفرزت تكتلات حزبية بدون أساس ايديولوجي و لا برنامج تدبيري، مما يجعل الحكومة مهددة في كل لحظة بالانفجار من الداخل بسبب المزايدة و الصراع المحتدم في تقسييم المغانم الحكومية.

ولم يغفل رشيد لزرق تقاسم الكعكة السياسية والوساطة الحزبية، حيث كشف على اتجاه السمة الغالبة إلى منطق المحاباة على حساب الكفاءة و الاستحقاق سواء عملية اختيار أعضاء الحكومة أو المسؤولين في مناصب عليا، وهو ما أدى إلى وجود حكومة مقسمة الى ارخبيلات حزبية فاقدة للدعم السياسي.

وزاد المتحدث أنه وفي نفس الإطار فإن تنامي طابع المحاصصة في هذه الحكومة يفرض وقفة تأمل والتساؤل عن ما العمل ؟، حيث أن البعض يدفع بضرورة ادخال تعديلات دستورية وتغيير نظام نمط الاقتراع في الانتخابات التشريعية المقبلة المقررة سنة 2021، و هذا يقود الى حتمية تغيير نظام الاقتراع، إذ أن نقطة ضعف الدستور 2011 لم تكن واضحة و ضرورة تغيير الفصل 47 الذي جعل تعيين رئيس الحكومة من الحزب الأول مما يجعل الحكومة هجينة و التحالفات جد معقّدة، وقابلة لفرز الأزمات ومكلفة جدا. وهو ما يجعل من مؤسسة رئاسة الحكومة مؤسسة ضعيفة و تسود حولها الضبابية، مما يعقد انزال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وبالتالي ميلاد عملية انتخابية شكلية.

وقدم لزرق مجموعة من الحلول، من بينها أن المشرع البرلماني مدعو إلى تقليص عدد مقاعد مجلس نواب النواب لسنة 2021 . في اتجاه يتماشى ونسبة السكان و بشكل يتلائم مع الجهوية المتقدمة على أن لا يتعدى عدد المقاعد 300 ، وتغيير طريقة الاقتراع من خلال إقرار طريقة الاقتراع الأغلبيي الفردي في دورتيين وهي الطريقة التي يعتبرها المتحدث من شأنها أن تبسط المشهد السياسي، وتسمح لحزب أن يفوز بالأغلبية المطلقة و القضاء على تكاثر الأحزاب وتعددها، وحسن التصرف في المال العام.. وضرورة تعديل النظام الانتخابي هذا بفرض التوجه إلى ادخال تعديلات على دستور 2011.

وبالتالي فالتجربة السياسية مدعوة اليوم إلى طرح المسألة بغية اغناء التراكم المحقق، و تحقيق منجزات نوعية لها آثر كبير في واقع المغاربة وفي إعطاء بلدهم صورة لشكل مجال الإصلاح السياسي كحقل خصب لتكريس التطلع الوطني الجماعي إلى صياغة تجربة ديمقراطية تعددية تستمد هويتها ومفرداتها من الواقع الإقتصادي و الإجتماعي، ومطامح نخبها المسيَّسة والمبدعة في تفاعل متواصل مع مكاسب الديمقراطية المحققة في عهد العولمة التي قربت المسافات وجعل الحدود الجغرافية التقليدية غير ذات معنى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى