ابتدائية تمارة ” تُسائل مدى إسهام القوانين في تحقيق السلامة الطرقية

هبة بريس- الرباط

شهدت المحكمة الابتدائية بمدينة تمارة عروضا مفصلة و نقاشا مطولا حول أسباب حوادث السير و السبل الكفيلة للتقليص من هاته الظاهرة، التي باتت تفتك بآلاف الأرواح، حيث لامست “الندوة العلمية” التي نظمت بمناسبة اليوم الوطني للسلامة الطرقية – والتي أشرفت عليها المحكمة الابتدائية بتمارة بشراكة مع هيئة المحامين بالرباط – مجموعة من الجوانب المرتبطة بموضوع السلامة الطرقية، وخاصة الجوانب المرتبطة بالمسائل التقييمية الخاصة بالجانب التجريمي و العقابي في مدونة السير، من خلال العمل القضائي و دعم الجانب التوعوي لحسن تطبيقها.

و في هذا السياق أكد “محمد اليامودي” رئيس المحكمة الابتدائية بمدينة تمارة في كلمته الافتتاحية، على ” أهمية الموضوع و حاجته الملحة و الآنية، سيما إذا استحضرنا ما يترتب عليه من تداعيات خطيرة على حياة الإنسان و سلامته الجسدية” داعيا إلى “ضرورة الاجابة عن التساؤلات المطروحة و الملحة من قبيل مدى نجاعة العقوبات التي جاءت بها مدونة السير في الحد من هاته الآفة ذات الانعكاسات الخطيرة، وكذا مدى إسهام الأحكام القضائية في مجال السير لترشيد وتقويم سلوك السائقين من خلال العقوبات الزجرية و الحبسية و المالية” داعيا إلى ” ضرورة الخروج بتوصيات عملية تساهم في معالجة هاته الظاهرة التي أصبحت مخيفة وتفتك بأرواح الناس” يقول المسؤول القضائي.

من جهته توقف “محمد بوفادي” وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بمدينة تمارة، من خلال عرض عنون له ب “تقييم الجانب التجريمي و العقابي في مدونة السير في ضوء العمل القضائي” -توقف- على عدد من الاخصائيات المرتبطة بمجال حوادث السير، ذاكرا في هذا السياق أن ” أكثر من 80%من حوادث السير هي بسبب العامل البشري على مستوى الطريق” داعيا إلى ضرورة الاهتمام ببرنامج تحسيسي يتوخى التنبيه إلى آفة حوادث السير، وذلك باعتماد مرتكزات أساسية منها إلزامية التكوين و التأطير في السلامة الطرقية” معتبرا أن ” التقيد بإجراءات السلامة الطرقية هي المدخل الوحيد لتوخي العقوبات الزجرية اتجاه السائقين” يقول بوفادي، الذي أكد على أن الشق القانوني المرتبط بمجال السير يحتاج بدوره إلى ” ضرورة تعزيز الآليات القانونية المتعلقة بالسير و الجولان، لتحسين مؤشرات السلامة الطرقية ساردا في ذات السياق مجموعة من النصوص المقارنة التي تفرض الحاجة إلى تدقيق و تمحيص و تحديد واضح، درءا لكل تأويلات محتملة”.

من جهته أشار الدكتور “عبدالله أبو إياد ”
في مداخلة له على ” أن عملية بناء ثقافة احترام قانون السير لا تكون إلا عن طريق “التكثيف التوعوي و التحسيسي المستمر بموضوع السلامة الطرقية سواء بمناسبة أو بدونها، و خاصة في مجال قطاع التعليم الذي وصفه بالورش التوعوي الأول الذي يلزم الاهتمام به، لما له من إسهام في ترسيخ قيم التربية على المواطنة و السلامة الطرقية” داعيا إلى “ضرورة الاستثمار في خلق مواطن يعرف ماله وما عليه”يقول الأستاذ الجامعي.

وفي ذات السياق عزا “مصطفى الكامح” الخبير الدولي في السلامة الطرقية، أسباب حوادث السير إلى “العامل التقني” الذي يعتبر من أخطر الأمور التي تساهم في مضاعفة قتلى الطرقات، حيث قدم “الكامح” مجموعة من الأرقام التفصيلية المقارنة بين المغرب و ألمانيا، حيث أشار إلى أنه ب”المقارنة بين المغرب وألمانيا، يتبين على أن المغرب في سنة 2016 يتوفر على أكثر من 4 مليون مركبة، وقد بلغت حوادث السير في نفس السنة 120 ألف حادثة، خلفت أكثر من 3800 قتيل، بينما نجد أن ألمانيا تتوفر على 57 مليون مركبة، وقد بلغت حوادث السير في نفس السنة – 2016- ما يقارب 300 ألف حادثة نتج عنها 2027 قتيل فقط، حيث أنه و بالرغم من أن عدد حوادث السير جد مرتفع بألمانيا مقارنة مع المغرب، إلا أن عدد الجرحى و ذوي الإصابات الخطيرة ببلادنا يفوق بكثير عددهم بألمانيا، و هنا تظهر دور التكنولوجيا الحديثة في الحد من حوادث السير على اعتبارها أحد الركائز الأساسية للسلامة الطرقية، يؤكد “الكامح”.

وفيما يخص الترسانة القانونية المتعلقة بمدونة السير، سجل ذات المتحدث أن “القوانين المنظمة لحوادث السير الخطيرة المنصوص عليها في مدونة السير 52.05 و التي تم تعديلها سنة 2016 ، تبقى حبيسة الرفوف، وذلك بالنظر إلى التماطل في تطبيق هذه القوانين و تفعيلها من طرف الجهات المختصة، مما يؤدي سلبا لتدهور السلامة الطرقية، يقول “الكامح” الذي انتقد حصر التحسيس بالسلامة الطرقية في المجال التحسيسي فقط، على حساب الجوانب الأخرى الأساسية والتي لها علاقة وطيدة بحوادث السير، والتي لا تعرف أي تدخل من طرف المسؤولين على القطاع.

وفي الجانب المرتبطة بسياسة التجريم و العقاب و دورها في تحقيق السلامة الطرقية، اقترح “فؤاد حنين” المستشار و الخبير القضائي في مجال حوادث السير، عددا من التصويات التي من شأنها المساهمة الفاعلة في التقليص من حوادث السير ذاكرا منها ما اعتبره ” ضرورة الانفتاح على خبراء السيارات و الميكانيك و ادماجهم في التحقيق، حتى تتمكن الضابطة القضائية من معرفة من تسبب بالحادث، ما يسهل على المحكمة تحديد المتسبب في الحادث، لاسيما و أن عناصر الضابطة القضائية لا تعرف كيف تحدد المسؤولية، و تحتمل فقط و تعتمد على تصريحات الضحايا فقط، خاصة عندما يكون فرار أو تغيير مكان الحادث، مما يفتح الباب عدم تحديد مسؤوليات الحادث” يؤكد “حنين” الذي أوصى كذلك ب”إدماج حاملي الشواهد في العربات و الميكانيك في الشرطة القضائية، للمساعدة على تحديد المسؤوليات باقتناع تام مبني على اليقين عوض الشك.

ولضبط مزيد من السلامة الطرقية أكد الخبير القضائي على “ضرورة إعادة النظر في مؤسسات تعليم السياقة، داعيا إلى التشدد في منح الرخص الخاصة بالمكونين، و عدم المجازفة بمنح رخص لأشخاص لا كفاءة لديهم ، إذ من شأن ذلك أن يصبح حكرا على أشخاص لهم هَمٌّ استثماري فقط، سيما و أنه في كثير من الأحيان يتم التلاعب بالقانون في بعض عقوباته التي تلزم إعادة التكوين، الأمر الذي يجعله المعاقٓب يحصل على تلك الشهادة بطرق غير مشروعة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى