شخصيات تركت أثرا في ذاكرة المغاربة .. الحلقة الحادية عشر: أحمد رضا اكديرة

لبنى أبروك – هبة بريس

تعاقب على المغرب طيلة السنوات الماضية، شخصيات أمنية وسياسية وحزبية صنعت تاريخا لها، ونجحت في ترك أثر لاسمها في ذاكرة جميع المغاربة الذين عايشوا فترتها أو الذين قرأوا وسمعوا عنها قصصا وروايات جذبت اهتمامهم وفضولهم.

وزراء، سياسيون، حزبيون، أمنيون ورجال دولة سنستعيد أسماءهم عبر هذه السلسلة الاسبوعية، و سنسافر وإياكم إلى الوراء بحثا عن أهم إنجازاتهم وأعمالهم أو الجدل الذي أثارته أسماءهم خلال فترة سلطتهم وهيمنتهم أو بعد إبعادهم أو ابتعادهم.

دراستهم، تكوينهم، مناصهم وأهم الانجازات والأحداث التي طبعت مسارهم، وكذا الشخصيات المعروفة التي رافقت مسيرتهم، والتي كشفت جانبا من حياتهم وكواليسا ووقائعا من سيرتهم، تلك هي الجوانب التي سنتطرق إليه بالمختصر المفيد خلال هذه السلسلة.

الحلقة الحادية عشر: أحمد رضا اكديرة

أحمد رضا اكديرة، أحد أهم رجالات السياسة والدولة الذي عاصروا الملك الراحل محمد الخامس والملك الحسن الثاني، وعينوا بمناصب مهمة .

أحمد رضا اكديرة، السياسي الذي ساهم في الدفاع عن القضية الوطنية، والمسؤول الحكومي الذي انتقل بين عدد من الوزارات بعد الاستقلال.

رضا اكديرة، المستشار الملكي، الذي دافع عن “الملكية التنفيذية” وعن فكرة “ملك يسود ويحكم”، يعد من الشخصيات التي تركت أثرا في ذاكرة المغاربة فماهي قصته؟

في سنة 1922، ولد أحمد كديرة بمدينة الرباط، وسط أسرة متوسطة، حيث كان والده بقالا بالرباط، خلال فترة الحماية الفرنسية.

درس احمد رضا اكديرة، في سن الرابعة من عمره بالمدرسة القرآنية، ثم تابع دراسته الابتدائية والاعدادية والثانوية بمدينته، الى أن حصل على شهادة البكالويا بصعوبة كبيرة بسبب اهتمامه برياضة كرة السلة وانخراطه بفريق محلي.

بعدها، درس سنتين في معهد الدراسات العليا بالرباط، ثم انتقل إلى فرنسا ليحصل هناك على شهادة الإجازة، وليلتقي كذلك بزوجته الفرنسية الذي أثرّت على اهتمامه الكبير بالثقافة الفرنسية.

بعد حصوله على الاجازة في القانون والتدريب على المحاماة، عاد رضا اكديرة الى المغرب، واستهل مشواره المهني بمكتب محاماة بالرباط حيث دافع عن ملفات مهمة من ضمنها قضايا أبناء المقاومة الوطنية ما مكنه من صنع اسمه وسمعته بشكل سريع.

استمر رضا اكديرة في عمله بمكتب المحاماة الى أن التقى سنة 1940 على الملك محمد الخامس وولي العهد يومئذ الملك الحسن الثاني في مدينة إفران بواسطة الفقيه محمد الركراكي، حيث تطورت علاقته بولي العهد هذا الاخير الذي أحب في رضا اكديرة إخلاصه للملكية ومعرفته الواسعة بالثقافة الفرنسية، ما خول له دخول الساحة السياسية والحصول على المناصب الحكومية من أقصر طرقها.

وتولى اكديرة، بداية التحاقه بالحكومة، منصب وزير الدولة المسؤول عن المفاوضات المغربية الفرنسية في أول حكومة في مغرب ما بعد الاستقلال، ثم وزيرا للدفاع الوطني في عهد الملك محمد الخامس، ثم وزيرا للإعلام والسياحة في حكومة بلافريج.

جمع رضا اكديرة، بين وزارتي الداخلية والفلاحة، ثم عين وزيرا للشؤون الخارجية، قبل أن يصبح مستشارا للملك الحسن الثاني.

دافع محمد رضا اكديرة على الملكية التنفيذية، واعتبر أن جميع الأحزاب السياسية لا تتكون إلا على أساس المصلحة والطمع في الحكم، وهي دكتاتورية أكثر ما هي ديمقراطية.

كما دافع اكديرة عن مشروعه الليبرالي الذي حمل فكرة تقوية العلاقات مع فرنسا وأمريكا ضد النخبة الوطنية آنذاك التي كانت في غالبيتها محافظة أو اشتراكية.

بعد وصول الجنرال اوفقير الى محيط الملك الراحل الحسن الثاني، توترت علاقة رضا اكدير بهذا الأخير، قبل أن تعود الأمور الى نصابها بعد فشل المحاولتين الانقلابيتين ضد عاهل البلاد.

بعدها، حاول اكديرة فتح الحوار مع أحزاب الكتلة الوطنية (الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال ومنظمة العمل الديمقراطي والتقدم والاشتراكية) وتصحيح مواقفه وخلافتها معها، غير أن وزير الداخلية السابق ادريس البصري حال دون ذلك وتدخل مرة أخرى لهدم علاقته بالملك، ما دفعه للتوقف عن العمل سنة1994 .

توفي أحمد رضا اكديرة يوم الخميس 14 ديسمبر 1995 في باريس، وبقي اسمه في ذاكرة المغاربة . فرحم الله الراحل

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى