الطوندونس المغربي … الديموقراطية الحقيقية

حقق الشاب ”مصطفى صديق“ والذي لقب لاحقاً ب :”اكشوان اكنوان“ شهرة واسعة وغير مسبوقة على مواقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، رافقها الكثير من الجدل بقدر الشهرة التي حققت، فمنهم من أعجب بعفويته وطريقة كلامه ومنهم من تعاطف مع وضعه الاجتماعي المحتشم، ومنهم من صفق للشاب بعد ظهوره رفقة شابة يبوح بعشقه ويهيم متغزلا بها، وهي محرجة، كاشفا كيف انتشل حياتها من الإدمان والتسكع في ساحة الماريشال.

شهرة الشاب الذي ستنتشر كالنار في الهشيم بعد تصريح لميكرو موقع إلكتروني عن مرض انفولزا الخنازير ، جعلت منه :”نجماً ساطعا“ في سماء اليوتيب، الأمر الذي مكنه من اعتلاء ”الطوندونس المغربي“ لأزيد من ثلاثة أسابيع متواصلة، بعدما تسابقت المواقع الإلكترونية لنصب عدسات كاميراتها أمام بيته المتواضع بقلب “كارتي كوبا” الشهير بالبيضاء، محققة تلك الفيديوهات مشاهدة واسعة على عكس مقاطع أخرى ذات أهمية وقيمة فكرية للمتلقي .

ومن أجل التبسيط أكثر ، فالتصريح الصحفي لـ ” نجية نظير ” التي تبرعت بمليار و200 مليون سنتيم، لم تتعدى عدد مشاهداته على قناة ” هبة بريس ” 400 ألف، بالرغم من أن الموقع تحصل على ذات التصريح حصريا .

هذا السبق الصحفي النبيل لم يشفع لنا في أن نلج عالم الطوندونس أو ننافس به فيديوهات ”الإكشواني“، غير أن تصريح خاطف هو الآخر لأب خطيبة الشاب وهو يكشف فيه عن القصة الحقيقة لإبنته وكيف غادرت المنزل بعدما كانت تدمن على بعض المخدرات، بعد يوم واحد من بثنا تصريح السيدة المتبرعة بملغ المليار و200 مليون سنتيم، عجل بدون سبق إصرار أو ترصد من الولوج للطوندوس وتحقيق أزيد من مليوني مشاهدة خلال ظرف وجيز لم يتعدى أربعة أيام بل وظل لهذه المدة يقود ”الطوندوس المغربي“.

إن “الهدف الاعلامي” ليس إعتلاء الطوندوس، أو تحقيق أرقام مشاهدات عالية، بقدر ما هو دور توعوي وتثقيفي للمتلقي، غير أن ترجيح طبقة واسعة من ”الجمهور“ أشرطة فيديو تافهة وبدون أي قيمة فكرية على أشرطة فيديو أخرى تحمل من الأهمية الشيء الكثير، لا يعتبر إشكالا وليد اللحظة بقدر ما هو تعبير حقيقي عن ”ذوق المشاهد“.

ويرى متتبعون أن “اليوتيب” بالمغرب هو مقياس للمستوى الفكري والثقافي بالمغرب، ما يمكن من وصفه، ب ”الديموقراطية المغربية الحقيقة“، حيث يمكن للأخير من التوحيد بين جميع شرائح وطبقات المجتمع المغربي، على اختلاف مستوياتها الثقافية والفكرية، فهو الذي يجمع بين الغني والفقير والقارئ والأمي…

ويمكننا في هذا الصدد تشبيه الطوندونس في المغرب بالإنتخابات المغربية، حيث تجد المواطن في حديث العامة يشتكي من البرلمانيين ورؤساء الجماعات، بسبب تصرفاتهم وعدم اللامبالاة بأغراض المواطنين، في حين أنه هو نفسه المواطن الذي صوت على ذلك البرلماني أو المسؤول ”بطريقة ما“، وهو الأمر ذاته بالنسبة لرفع عدد مشاهدات مقاطع تافهة على اليوتيب، حيث تجد أولائك من شاهدوها هم أول المنتقدين، رغم توفير الإعلام لمواضيع أخرى هامة وذات قيمة فكرية أو توعوية للمواطن، وبالرغم من ذلك يتم أهمالها.

إن تفضيل مقاطع تافهة على مقاطع أخرى أمر ليس بغريب على الويب المغربي، حيث يرجع ذلك لعدة أمور خاصة، من بينها ارتفاع الأمية، (ما يسهل على الشخص مشاهدة أشرطة الفيديو عوض قراءة المواد الصحفية )، وقلة الوعي، والبطالة، والضغوط اليومية للحياة، ما تجعل الشخص يفضل مواضيع تافهة أقرب للكوميديا دون غيرها من الأشرطة التثقيفية، وبالتالي فالطبقة المثقفة والواعية وعلى قلتها بالمغرب لا يمكنها مجابهة كل من يصنف ضمت ما ذكر، ومقاومتهم ورفع نسب المشاهدات والتحكم في ”الطوندونس المغربي“…

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. واش كاين شي اخبار للي نقراو او غير التخربيق مالنا ومالو يغني او يشطح او يدير البوز او مايديروش نحن نريد الاخبار المهمة وما يدور وطنيا وعالميا وليس الخوا الخاوي.

  2. من فديوهات التفاهة الى الكتابة عن ابطال التفاهة، هل انتهينا من الكتابة في مجالات السياسة و التقافة والاقتصاد و الاجتماع حتى نخوض في مواضيع التفاهة

  3. مقال تافه لا يرقى الى التطلعات التي ننتظرها من جريدة نحبها .. الرجاء من صاحب المقال الابتعاد عن الكتابة والنسخ واللصق

  4. ان كان ببلدى عقلاء,فعلى المائدة مايكفيهم لارواء عقولهم وفكرهم,
    وان لم يكن به عقلاء فعلى المائدة اكثر مما يستحقون,بلادة وتفاهة,
    إذا رأيت من يشتري الخسيس بالنفيس ويبيع العظيم بالحقير فاعلم انه تافه وسفيه.

  5. هذا يعني أن الأمية لازالت هي الطوندونس في المغرب.
    ما قرّاوش الشعب، كيف بغيتو يكون المصير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى