وزراء نائمون بحكومة العثماني .. الحلقة الخامسة: مصطفى الرميد

لبنى أبروك – هبة بريس

عين الملك محمد السادس، شهر أبريل 2017، حكومة جديدة برئاسة سعد الدين العثماني، مؤلفة من ستة أحزاب و هي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري والتقدم والاشتراكية، والتي ضمت 39 وزيرا وكاتب دولة.

وزراء ووزراء منتدبون وكتاب دولة، أولئك الذين عينوا بعد الاستحقاقات الانتخابية للسابع من أكتوبر2016، أو بعد التعديلات الحكومية، التي شهدتها الساحة السياسية، بسبب الزلزال الملكي الذي أسقط عدد من الرؤوس الحكومية، والذين اختفوا وناموا مباشرة بعد تعيينهم وتواروا عن الأنظار، تاركين وارئهم علامات استفهام المواطنين، ومثيرين فضول الإعلاميين.

وزراء يعرف المغاربة أسمائهم ووجوههم، بسبب بروزهم السياسي والحكومي في السنوات السابقة، قبل أن يختاروا النوم والسبات الطويل، بعد ضمانهم لكراسيهم الوزارية المهمة وتعويضاتهم المادية الخيالية.

وزراء ومسؤولون حكوميون، يتساءل المواطنون عن سبب نومهم بعد وصولهم لمراكز التسيير والتدبير، مقابل تحركهم في العمل الحزبي، أو استغلالهم لمناصبهم و تركيز طاقاتهم وتخصيص معظم أوقاتهم لصالح مشاريعهم وعلاقاتهم الخاصة.

بعدما تحدثنا في سلسلتين سابقتين عن الوزراء المختفون الذي يجهلهم المغاربة ثم الوزراء الذي أجمع المواطنون على اجتهادهم وعملهم، لم يبقى لنا سوى الحديث عن عدد من المسؤولين بحكومة العثماني، الذي يعرف الجميع هويتهم، غير أنهم اختاروا النوم والكسل كشعار بعد استوزارهم، أملا منا في استيقاظهم من سباتهم الطويل واقتدائهم بزملائهم المجتهدين وخدمة الوطن والمواطنين. فمن هم؟

الحلقة الخامسة: مصطفى الرميد

مصطفى الرميد، الذي عينه الملك محمد السادس، شهر أبريل 2017 ، يعد من الوزراء الذين يعرفهم المغاربة، غير أن أنشطتهم الوزارية وظهورهم الاعلامي أصبح قليلا وشبه منعدم بعد تعيينهم.

ولد مصطفى الرميد سنة 1959 بمنطقة دكالة بقبيلة أولاد سي بوحيا بسيدي بنور، درس المرحلة الابتدائية والاعدادي بمسقط رأسه، قبل ان ينتقل الى مدينة الدار البيضاء حيث تابع دراسته بثانوية ابن مسيك

التحق مصطفى الرميد بصفوف الشبيبة الإسلامية في سن مبكر ما بين 1973 و1974، قبل أن يشرع في إمامة المصلين وإلقاء دروس دينية منذ تخرجه من دار الحديث الحسنية إلى حين توقيفه.

استهل الرميد العمل السياسي، بالانخراط بالحركة الشعبية الدستورية الديموقراطية (حزب العدالة والتنمية حاليا)حيث فرض نفسه وتقلد عدد من المناصب داخله منها رئاسة الكتلة النيابية، والفريق النيابي للحزب لولايتين متقطعتين، ثم رئاسة لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان إحدى ركائز العمل التشريعي بالغرفة الأولى.

موازاة مع عمله السياسي، زاول الرميد مهنة المحاماة سنة 1984 من خلال دفاعه ومتابعته لملفات “السلفيين”، والحقوقيين والمتابعين في قضايا النشر والصحافة.

كما نشط الرميد حقوقيا وجمعويا، من خلال تأسيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان سنة 2006 ، وكان عضو ا بالمؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي، و شارك بالمنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين، وترأس الهيئة البرلمانية العربية لحقوق الإنسان المنبثقة عن اتحاد البرلمانات العربية.

وعين الرميد الذي يعد أحد أبرز قادة حزب العدالة والتنمية،وزيرا للعدل والحريات بحكومة عبد الاله بنكيران، سنة 2012، قبل أن يعاد تعيينه وزير للدولة مكلفا بحقوق الانسان بحكومة العثماني سنة 2017.

الرميد، القيادي والوزير، يعد من أبرز المسؤولين الحكوميين الذين يعرفون المغاربة هويتهم وأسمائهم، غير أن أنشطته الوزارية والحكومية، أصبحت شبه منعدمه بعد تعيينه في منصبه الجديد.

الرميد، الملكف بحقوق الانسان، لم تسجل له أية خرجة قوية، للدفاع عن حقوق الانسان وعن صورة البلد الحقوقية، بسبب التقارير الدولية المغلوطة الصادرة عن منظمات و جهات معلومة الأهداف والمصادر، والتي تسعى الى الاساءة لسمعة المملكة.

الرميد، الوزير المكلف بحقوق الانسان، والذي سبق له أن تكلف بوزارة العدل والحريات، لم تسجل له أية خرجة حقوقية للدفاع عن معتقلي الريف وجرادة الذين عبروا عن تعرضهم لمعاملة “قاسية” وطالبوا بالتدخل لانصافهم.

الرميد، الوزير التابع لحزب العدالة والتنمية، هذا الحزب الذي تصدر قياديوه وانجازاته صفحات جريدة “بوعشرين”، لم يكلف نفسه عناء التدخل والتعليق على اعتقال ومحاكمة صاحب يومية “اخبار اليوم” ، كما لم يعلق قبله على سجن الصحفي حميد المهداوي، وعلى أسرته التي حرمت من أبسط حقوقها في العيش الكريم بعد حرمانها من معيلها الوحيد.

الرميد، الوزير الذي كشر عن أنيابه وأبرز قدراته في الدفاع عن حقوق الإنسان، بعد تحريك المتابعة في حق زميله بالحزب عبد العالي حامي الدين في قضية ايت الجيد، وأخذ يقصف في الدولة ويجلد في مسؤوليها للانتصار “لأخيه ظالما أو مظلوما”.

الرميد الذي نسي أو تناسى أنه يتقاضى أجرا شهريا مهما ويستفيد من امتيازات متعددة، للقيام بعمله وواجبه في تلميع صورة بلده الحقوقية، والاشادة بالخطوات التي خطتها في هذا المجال، أخذ يسيء للقضاء المغربي ولحماة الحقوق والحريات بالبلد بسبب اتهام زميله ب”المشاركة في قتل الراحل بنعيسى ايت الجيد”.

الرميد، الذي وصف قرار قاضي التحقيق بمتابعة “مدلل حزبه” ب”الاجتهاد الاخرق”، معتبرا أنه سيتسبب في انقلاب في مسار العدالة بالمغربي”، يجهل أو يتجاهل أنه مسؤول حكومي يمثل بلده وملكه في عدد من المحافل الدولية المتعلقة بمجال الحقوق والحريات، وأن خرجته الاعلامية تسيء بشكل كبير لبلده بقضاءها وقوانينها وحقوقها ومسؤوليها.

الوزير الذي لم يكلف نفسه عناء الخروج والدفاع عن حقوق عدد من المواطنين ضحايا العنف والتحرش والتشرد والاهانة والفقر وعدد من الظواهر التي تنخر مجتمعنا بشكل خاص ومواثيق حقوق الانسان بشكل عام، تبين أنه مسؤول حكومي يمارس مهامه”حسب هواه” من خلال التفاعل والتعليق مع القضايا والملفات التي تمس شخصه أو حزبه فقط.

الوزير الذي لم يكلف نفسه عناء إبراز مهاراته في الدفاع والهجوم ، للرد عن التقارير الدولية التي تضرب صورة المغرب الحقوقية، تبين أنه اختار النوم أو “القيلولة المؤقتة” من خلال انتقاء مواضيع وأنشطة معينة و”قليلة” للعمل بها والخروج اليها.

الى ذلك، لا نسعى من خلال هذه السلسلة الى تبخيس مجهودات مسؤولينا الكرام، بقدر ما نسعى الى اثارة غيرتهم للتحرك والعمل على غرار زملائهم المجتهدون. فهل يستقيظ الرميد من سباته؟

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى