الترتيبات العاملية وال”ultra” كادت تححق “زيرو شغب” في مباراة الدفاع–الجيش

أحمد مصباح – الجديدة

كادت المباراة التي جمعت فريق الدفاع الحسني الجديدي وفريق الجيش الملكي، الأحد 3 فبراير 2019، برسم الدورة 16 من الدوري الاحترافي المغربي، على أرضية ملعب العبدي بالجديدة، أن تمر في أجواء “نظيفة”، وأن تحقق “زيرو شغب”، لولا الاعتداء الذي تعرض له قائد من وحدة أمنية للتدخل، مباشرة بعد انتهاء المقابلة، التي آلت نتيجتها  لصالح الفريق الزائر.

هذا، فإن المباراة تابع أطوارها 2000 مشجع لفريق الجيش الملكي، قدموا من الرباط، لمناصرة فريقهم بروح حماسية. فيما لم يتعد الجمهور الجديدي 1000 متفرج.

فهذا التراجع العددي في الجمهور المحلي، محبي فريق الدفاع، في المباراة التي جرت على أرضية ملعب العبدي بالجديدة، ثمة تبريرات وأسباب واقعية وموضوعية تقف وراءه.

ففريق فارس دكالة الذي نازل، أمس الأحد، فريق الجيش الملكي، وحصد هزيمة ثقيلة (ثلاثة أهداف مقابل هدف واحد)، على أرضية ملعبه وأمام جمهوره، لم يكن تعافى بعد من هزيمته الساحقة (أربعة أهداف مقابل هدفين)، الأربعاء 30 يناير 2019، في ميدانه، وأمام مشجعيه، في المباراة التي جمعته بفريق الرجاء البيضاوي، برسم الدورة ال15 من الدوري الاحترافي المغربي.

هذا، وكان رجال الأمن أغلقوا، الأربعاء الماضي، بنصف ساعة قبل انطلاقة المباراة، أبواب ملعب العبدي، ومنعوا، بسبب الهاجس الأمني، من الدخول رجال الصحافة وبعض جمهور الفريق الدكالي.. رغم توفرهم على التذاكر، ورغم أن مدرجات الملعب ظلت “فارغة” طيلة عمر المقابلة.

وبالمناسبة، فقد أبدى المكتب المديري لفريق الدفاع، في بلاغ رسمي أصدره، تأسفه  للصحافيين، وبعض الجماهير الجديدية التي منعت من الولوج الى الملعب، رغم توفرها على تذاكر المباراة، بعد إقفال الأبواب بقرار انفرادي لرجال الأمن، دون علم المكتب المديري للفريق، حسب البلاغ الذي أضاف أن المكتب المديري سيسعى لتدارك الأمر مستقبلا للحد من مثل هاته الانفلات.

وقد كان أسلوب منع الجمهور من الدخول إلى الملعب، والهزيمة الساحقة التي مني بها فريق الدفاع، في ظل النتائج المحتشمة والسلبية، والمستوى الباهت الذي ظهر به في الدورات الأخيرة والمتتالية من الدوري الاحترافي.. من أسباب عزوف الجمهور عن الحضور إلى مدرجات ملعب العبدي، الأحد الماضي.. وحتى من حضروا، على محدوديتهم العددية، فقد صبوا جام غضبهم على المكتب المسير لفريق الدفاع. وهي سلوكات بلغت حد الاعتداء، في نهاية المباراة، على ملازم الشرطة (سعيد ص.)، قائد (g11/6) لدى فإن “المجموعة المتنقلة للمحافظة على النظام 116” (GMMO)، برشقه بحجر أصابه في الرأس، كما يظهر في الصورة المركبة رفقته.

إلى ذلك، فإن مباراة الدفاع–الجيش قد مرت، على خلاف مباراة “الأربعاء الأسود”، في أجواء كادت تكون “نظيفة”، لولا الاعتداء الذي يؤسف له، على قائد الوحدة الشرطية للتدخل.

هذا، فإن القائمين على “البروتوكول الأمني” قد تداركوا الأخطاء والثغرات التي شابت التدابير والترتيبات الأمنية القبلية والبعدية لمباراة الدفاع–الرجاء،  والتي عرت عنها بالواضح والملموس الجريدة في المقال الصحفي تحت عنوان: “ترتيبات بوليسية تعيد بقوة شغب الملاعب إلى مباريات كرة القدم بالجديدة”. وهي المباراة، مباراة “الأربعاء الأسود”، التي  عقبها اندلاع العنف في الشارع العام، وعودة “شغب الملاعب” إلى الواجهة في عاصمة دكالة. أحداث ساهم أيضا في انفجارها التوقيت (timing)، ساعة السادسة مساءا التي برمجتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لإجراء المباراة الدفاع–الرجاء، التي انتهت في الليل.

هذا، واستشعارا من عامل إقليم الجديدة، محمد الكروج، بمدى جسامة ظاهرة العنف أثناء وبمناسبة التظاهرات الرياضية، الذي يؤرق مضاجع السلطات الحكومية والعمومية؛ ووعيا منه بأهمية التواصل والتحسيس والتوعية بمخاطرها وانعكاساتها الوخيمة؛ وسعيا منه إلى وضع المسؤولين والمتدخلين في الشأن الرياضي، أمام هول وحجم هذه المعضلة، بغية إيجاد حلول ناجعة وملموسة على أرض الواقع؛ وكذا، تماشيا مع مضامين الرسالة الملكية السامية التي وجهها الملك محمد السادس إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الثانية للرياضة، فقد كان لتدخله، من خلال الترتيبات العاملية الذي اتخذها، وتعليماته وتوصياته إلى المتدخلين في الشأن الأمني والرياضي، خلال مركزي القيادة المحلي والإقليمي، اللذين انعقدا على التوالي، الخميس الماضي، بمقر الباشوية والعمالة بالجديدة، الدور البالغ والناجع في إعادة النظام والطمأنينة إلى مدرجات ملعب العبدي، الأحد الماضي، وفي إزالة خطر “شغب الملاعب”، الذي كان يتهدد بعودة قوية إلى عاصمة دكالة.

وفي السياق ذاته، فقد دعا المسؤول الترابي الإقليمي الأول، مساء الجمعة الماضي، ممثلي ال”ultra”، عن “ضوس كالاص”، و”كاب صولاي”، إلى مكاتبه بعمالة الجديدة، حيث عقد معهم اجتماعا موسعا بحضور وزير الشبيبة والرياضة، ورئيس المكتب المديري لفريق الدفاع الحسني الجديدي، وممثلي السلطات الإقليمية والمحلية والترابية والأمنية، حثهم فيه على التشبع بالسلوكات المدنية، ونبذ العنف في المباريات و”شغب الملاعب”، الذي يسيء إلى مدينة الجديدة، وإلى الرياضة وكرة القدم، وإلى فريق فارس دكالة. ولعل هذا ما قام به ممثلو ال”إلطرا”، وترجموه على أرض الواقع، من خلال تأطير وتوعية الجمهور الذي حضر المباراة التي خاضها أمس الأحد، فريق الدفع الحشني الجديدي، والتي حضرها عامل الإقليم محمد الكروج، دعما  لفريق فارس دكالة.

إلى ذلك، وتداركا للأخطاء والثغرات، فقد شدد القائمون على تفعيل “البروتكول الأمني”، من سلطات إقليمية ومحلية وأمنية (الشرطة والقوات المساعدة)، الحراسة الأمنية عند مدخلي زنقة بغداد، وعلى طولها، سيما من الجهة الخلفية لملعب العبدي، التي عرفت، الأربعاء الماضي، اختراق بعض مشجعي فريق الرجاء البيضاوي، الذين تسللوا إلى خلف المدرجات حيث كان محبو الفريق الدكالي يجلسون، ورشقوهم بالحجارة، في استفزازا وإهانة لهم. وهو “الفعل”  الذي كانت له “ردة فعل”” عنيفة، ترجمها الجمهور في شكل احتكاكات واشتباكات وهجومات، خرج معها الوضع عن السيطرة.. حد الانفلات الأمني (dérapage sécuritaire).

ومن جهة أخرى، وعلى خلاف المرة السابقة، فإن رجال الأمن أبقوا على أبواب ملعب العبدي مقتوحة، رغم أن الجمهور الدكالي لم يحج إلى الملعب بكثرة، كما يظهر جليا في الصورة المركبة رفقته، وكما أظهرته قناة “الرياضية” التي بثتت المقابلة بالمباشر.

هذا، وتفاعل نشطاء العالم الأزرق مع الأجواء القبلية والبعدية للمباراة، التي جمعت فريق الدفاع وفريق الجيش، من خلال تدوينات على صفحات الفايسبوك، مما جاء في بعضها: “سلوكيات وتصرفات بعض رجال الأمن تستفز الجمهور الوافد على ملعب العبدي..”، و”الضغط يولد الانفجار”.

إلى ذلك، وبالرجوع إلى مباراة “الأربعاء الأسود”، فإن القوات العمومية، سيما أفراد الأمن الوطني من مختلف الهيئات والرتب، والذين تم تعزيزهم من وحدات شرطية من داخل وخارج المصالح التابعة للأمن الإقليمي للجديدة، وكان ملقى على عاتقهم “البروتوكول الأمني”، والحفاظ على الأمن والنظام العام داخل وخارج ملعب العبدي، وفي جنباته ومحيطه، كانت منهكة القوى والطاقات، على إثر استفارها، في إطار التدابير والترتيبات الأمنية المتخذة، على الساعة الثامنة صباحا، مع العلم أن المباراة لم تنطلق إلا على الساعة السادسة مساءا، واستمرت تدخلاتهم المرهقة، في ظروف صعبة، إلى ما بعد منتصف الليل (أزيد من 16 ساعة عمل متواصل على قدم وساق). كما أنهم كانوا منهكين، بعد أن كانوا أمنوا “البروتوكول الأمني” ذاته، خلال المباراة التي جمعت، الأحد 27 يناير 2019، على أرضية ملعب العبدي، فريق الوداد البيضاوي وفريق الكوكب المراكشي، والتي انطلقت تدابيرها وترتيباتها الأمنية، على الساعة الثامنة صباحا. ناهيك عن كونهم أنفسهم من تم تعيينهم للمرة الثالثة، في ظرف أسبوع، لتأمين المباراة التي جمعت الأحد 3 فبراير 2019، فريق الدفاع الحسني الجديدي وفريق الجيش الملكي، على أرضية ملعب العبدي. حيث انطلقت أيضا التدابير والترتيبات الأمنية القبلية، على الساعة الثامنة صباحا.

وعليه، فإن على رئيس الأمن الإقليمي عزيز بومهدي، أن يتفادى مستقبلا الأخطاء والثغرات التي شابت  المباريات السابقة، سيما مباراة “الأربعاء الأسود”.. كما أن عليه أن يستحضر بقوة الجانب “الإنساني”، بغض النظر عن الجانب المهني، عند التعامل مع مرءوسيه من افراد الأمن الوطني؛ وعند التفكير بالمجيء بهم إلى الشارع العام، ب10 ساعات قبل انطلاقة المباراة، وتشغيلهم بنظام “الضوبلاج”. ولعل هذا الجانب “الإنساني” يتعين أن يتدخل فيه مستقبلا عامل إقليم الجديدة، محمد الكروج، وأن يفرضه في أشغال المركزين القياديين، المحلي والإقليمي، (PC local et PC provincial)، اللذين ينعقدان بالباشوية وعمالة الجديدة، بمناسبة “البرتوكول الأمني” الذي يواكب المباريات المقرر إجراؤها على أرضية ملعب العبدي بعاصمة دكالة.

للإشارة، فإن ضمن  رجال الأمن الذين يعملون في ظروف قاسية، لـامين التدابير والتريبات القبلية والبعدية، للمباريات، خراج أوقات العمل، وفي أيام عطلة نهاية الأسبوع.. من يعانون من أمراض مزمنة، ناهيك عن كونهم لا يتقاضون تعويضا عن هذه المهام التي من المفترض والمفروض أن تندرج في إطار “الخدمة المأجورة” (service payé)، على غرار رئيس الأمن الإقليمي الذي يتقاضى تعويضا سخيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى