الحكامة المالية الغير الجيدة .. مديرية الصحة بني ملال ـ خنيفرة نموذجا

هبة بريس ـ خريبكة

تعتبر الحكامة المالية الجيدة من أقوى المفاهيم التي جاء بها الدستور، ومن الأساليب الحديثة التي تحمي المال العام من الهدر ، عبر آليات ومؤسسات عمل الدستورعلى دسترتها، من أجل تحقيق أهدافها ومزاولة رقابتها على العمل العمومي ولا سيما في شقها المرتبط بالتدبير المالي، قوامها الشفافية والجودة، وركيزتها ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وارتباطا بموضوع الحكامة المالية او التدبير المالي الجيد الذي يشكل مقاسا لدرجة تقدم او تخلف أي دولة سنتطرق لموضوع هو غاية في البساطة لكنه في العمق يعكس سوء التسيير والتدبير المالي ـ ترجيحا ـ  او أن الاكراهات المرتبطة بالموارد البشرية اخضعت  هذا  التدبير المالي الى مقاربة تقليدية تلزم المسؤول بالاقتصار على طرق اشتغال جامدة وقواعد متقادمة غالبا ما تقود الى الاقتصار على التصرف في الموارد المتاحة بعشوائية .

بين بني ملال وخريبكة يستمر العبث امام  اعين المدير الجهوي للصحة الذي يفترض فيه ايجاد صيغ بديلة لهدر المال العام من جهة وإعادة المصداقية للمستشفى العمومي لدى السكان، وخلق جو من الثقة فيه عبر القيام بإصلاحات هيكلية تمسه في العمق كمرفق عمومي حيوي، وذلك من خلال تبني إجراءات من قبيل التخليق و حسن الاستقبال وحسن التدبير و التجويد و الترشيد والأنسنة…و هي الإجراءات الكفيلة بجعل المستشفى العمومي إدارة  “مواطنة “،” خدومة ” تتسم بشروط الكفاية و الفعالية و النجاعة باعتبارها من أبرز مبادئ الحكامة الجيدة.

لاشيء سيتحقق من هذا ..لماذا ؟ بكل بساطة لأن المدير الجهوي يفتقد لمخطط إستباقي يروم بالدرجة الأولى لإعادة  ضبط   الاشتغال  داخل  المرفق العمومي و تركه الأمور للاعتباطية و العبث، ليس من زاوية التكاليف فقط ، ولكن أيضا من زاوية المردودية الاجتماعية .

اصل  الحكاية ..حكامة مالية  تقليدية محدودة النتائج

جاء الى على علم هبة بريس ان الدم المتبرع به بخريبكة  يرحل لبني ملال قصد اخضاعه للتحاليل وقبل بني ملال كان  الجهد المتحصل عليه من الدم يرحل لمدينة الدار البيضاء ، والعملية هاته تختلف من مدينة لاخرى على اعتبار ان جهة البيضاء كانت تضع رهن العملية كل مايلزم في حين ان تغيير الوجهة لبني ملال افرز اشكالات جديدة سنأتي عليها واحدة واحدة

ـ مراحل العملية تمر من سفر يوم الثلاثاء من خريبكة نحو بني ملال حيث ستضطر ادارة المستشفى الى توفير سيارة اسعاف يخول لها تحميل الدم والعملية الاولى هاته ستكلف 200 درهم (ثمن البنزين )

ـ العملية الثانية تتعلق بعملية سفر ثانية غالبا ماتكون يوم الخميس لاسترجاع “البعض” من الدم للمستشفى الاقليمي الحسن الثاني بكلفة ثانية تصل لـ 200 درهم . (ثمن البنزين )

ـ رحلة استتنائية قد تطرأ في أي وقت في حال عدم توفر المستشفى الحسن الثاني  على مايلزم من الدم والعملية هاته ستكلف 200 درهم اضافية

 وسط الحكاية … اكراهات تحد من نجاعة الفعل

اولا : العملية المتحدث عنها اعلاه والتي نسيقها مثالا في الحكامة الغير الجيدة ستفرز مشاكل  اضافية بدءا بسيارة الاسعاف التي ستغيب عن المستشفى لنصف يوم كامل على الاقل  ـ الثلاثاء و الخميس ـ  علما ان الدور المنوط بها هو نقل فقراء الاقليم نحو مستشفيات اخرى للضرورة ، وقد حصل ان عاش المستشفى الاقليمي حالة تواجد سيارة الاسعاف ببني ملال في الوقت الذي كانت حالة تلميذة تطلب نقلها على وجه السرعة لمستشفى البيضاء دون ان تحصل على ذلك لولا تدخل بعض الاطر الادارية التي تكلفت بمصاريف نقلها بتوفير سيارة اسعاف خاصة .

ثانيا : توفير سيارة اسعاف ومعها موظف لانجاز هذه العملية المتكررة امر غر مقبول في ظل الخصاص سواء على مستوى الموارد البشرية او حظيرة سيارات الاسعاف التي تبقى محدودة  مقارنة مع مرضى الاقليم الذين يحجون من اجل التطبيب .

عملية حسابية تعكس رداءة  الحكامة المالية

من المؤكد ان المدير الجهوي يدرك جيدا ان عملية حسابية بسيطة ستحدد اجمالي المصاريف المقدمة لانجاز العملية اعلاه في 28800 درهم خلال سنة، بما يعني ان خمس سنوات ستكلف العملية 144000 درهم  اضافة الى مصاريف قد تكون اضافية .

وامام الرقم أعلاه  يجدر بالمدير الجهوي ومعه ادارة مستشفى الحسن الثاني  اعطاء تفسيرات منطقية تدحض التصور الذي يقول ان الحكامة المالية تتعرض للدوس في وقت يحتاج فيه المستشفى لامكانيات مالية اضافية للنهوض به على غرار باقي مستشفيات المملكة التي بدأت تتحرك  بها عجلة الاصلاح استجابة لنداءات الملك المتكررة .

استفسار وجواب ..الاقتناع غير مكتمل الملامح

امام كل السالف ذكره ، ياتي للذهن ان المطلوب هو توفير اليات اشتغال  للمستشفى الاقليمي الحسن الثاني  من اجل تقليص المصاريف وكذا عدم المساس بحظيرة سيارات الاسعاف التي وجدت لغرض واضح دون الحديث عن الاشكالات التي ترافق استعمالها بين الفينة والاخرى لنفس الغرض .

للتوضيح والفهم كان لهبة بريس  استفسار في الموضوع حيث جاء في التبرير ان عملية فرز نتائج التحليلات لها ارتباط وثيق بعدد الأكياس المتوفرة اذ يفترض ان يكون العدد كافيا حتى يتسنى القيام بالعملية درءا  لخسارات على مستوى اليات الاشتغال من جهة والحفاظ على التكلفة المالية من جهة ثانية اوبمعنى ادق ” كلما كان عدد الاكياس متوفرا كانت التكلفة المالية ثابتة  وكلما كانت اكياس الدم قليلة كلما ارتفعت التكلفة ”  وكل السالف ذكره يصب في صعوبة امكانية توفير اليات بالمستشفى الاقليمي الحسن الثاني والاشتغال دون الاستعانة بالمستشفى الجهوي ببني ملال  .

المختصر الشامل  ..مشفى الحسن الثاني  بدون بوصلة

الاقرب الى المحن ليس مقتصدا ..والمهموم في طوابير الانتظار لا يمكن ان يكون مديرا ..و”المهلوك” امام التعقيدات المصطنعة لن يكون مندوبا ..والمذهول جراء التسويف والمماطلة لا يمكن ان يكون نقابيا ولا مديرا جهويا ولا حتى اطارا اداريا  ..طبعا فالاسوء لصيق بالمواطن الذي يقصد المستشفى ..يقصده لتنطلق المواجهة…الادارة تراكم تجربة التخلص من المشاكل والمواطن يتشبت بحق التطبيب … وبين هذا وذاك تغرد النقابات متفرقة ..انا ومن بعدي الطـــــوفان .. انتهى  

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى