سيارات الدولة تكلف الخزينة أكثر من 45 مليار من المحروقات سنويا

ع اللطيف بركة : هبة بريس 

بمجرد اعلان المجلس الاعلى للحسابات عن تقريره السنوي، والذي شمل كذلك ما تستهلكه سيارات الدولة من محروقات في كل سنة مالية ، وحجم تلك الاموال ، إلا صاحب ذلك ردة فعل المجتمع المدني ومعه الجمعيات المختصة بحماية المال العام ، وبالرغم من أن الرقم الذي تم تداوله في اوساط نشطاء التواصل الاجتماعي ، من حجم ما يستهلكه ذلك الاسطول من محروقات والذي فاق 45 مليار سنتيم ، إلا ورجع النقاش حول ظاهرة سيارات الدولة التي يستعملها موظفوها الى الواجهة، في ظرفية تجتهد فيها الحكومة سن قوانين جديدة من أجل إستخلاص الاموال من المواطنين، في حين تبقى اجتهادات الحكومة ضعيفة في عملية ترشيد نفقاتها والحد من عمليات هدر المال العام .

– سيارات الدولة ..متعة للموظفين و عائلاتهم و إهدار للمال العام

إن وضع مقارنة بين المغرب وعدد من الدول العظمى، كفرنسا  وكندا واليابان بخصوص ” سيارات الدولة” سنكتشف فرقا شاسعا في طريقة استعمالها، بل يمكن القول أن المغرب  فريد بهذا الخصوص، اعتبارا ان تلك الدول  لا تستعمل سيارات المصلحة إلا عند الحاجة وبكلفة أقل.

في المغرب يتهافت على سيارات المصلحة المعروفة بترقيم ” أحمر”  وزراء ورؤساء مصالح وموظفون ورؤساء جماعات حضرية وقروية.

إحصائيات تشير أن المغرب يتوفر على أزيد من 130 ألف سيارة مصلحة، وهو رقم ضخم يفوق بكثير دول عظمى مثل الولايات المتحدة وكندا واليابان ، هذه الأخيرة لا تتوفر إلا على 3400سيارة رغم قوتها الاقتصادية.

العديد من سيارات الدولة في المغرب “غير زايدا”، وتبقى فقط للتباهي أمام الناس، لأن “صاحبها” هو رئيس مصلحة معينة تكافئه الدولة بها، ليظهر أمام الناس كشخص ذي ميزة خاصة، ليظفر بالاحترام والسلطة…فيما آخرون يستعمل سيارة الدولة لقضاء مآرب شخصية الكل في المغرب يعرفها.

سيارات الدولة كثر عنها القيل و القال وبتدأ النقاش حولها في عهد حكومة التناوب الأولى الذي ترأسها عبد الرحمان اليوسفي سنة 1998، ففضل أن يقلص من خدماتها لمواجهة التبذير المالي الذي تشهده حظيرة سيارات الدولة . فلجأ الى التفويت ببيع “الزائدة” منها ، لمستعمليها من رؤساء المصالح و آخرين، مع منحهم تعويضا شهريا يحفزهم على استعمال سياراتهم الشخصية، لكن سرعان ما تبخر هذا الإجراء في حكومة إدريس جطو وبعدها عباس الفاسي، لتزداد الظاهرة في عهد حكومة بنكيران وتستمر في عهد العثماني، وهو الأمر الذي يدل أن الإدارات المتخلفة والأكثر بيروقراطية هي التي تتوفر على عدد اكبر من سيارات الخدمة التي تشكل في مثل هذه الدول مصدرا مهما لهدر و تبذير المال العام.

لكن اللافت في هذه الظاهرة الفريدة، هو القرارات التي تصدر من حين لآخر من رئاسة الحكومة ومن وزارة الداخلية، بعدم شراء سيارات الخدمة إلا عند الضرورة القصوى، خاصة في السنين الأخيرة للعجز الذي تعرفه ميزانيات الدولة لا يتم الأخذ بها، بل ما لوحظ هو مضاعفة عددها، والأدهى من كل ذلك هو شراء سيارات فارهة وبأثمان باهظة، ومن بين أصحابها وزراء ورؤساء دواوين ومصالح ورؤساء جماعات حضرية وقروية ضعيفة و هشة.

وفي الوقت الذي تمت مطالبة الإدارات و الجماعات الترابية، باقتناء سيارات “داسيا” التي تنتجها شركة “رونو” بالمغرب ، بسعر لا يتجاوز 9 ملايين سنتيم، تطالعنا مواقع التواصل الاجتماعي باستغراب كبير ، بنشر صورة لسيارة فارهة من نوع “ميرسيديس 200 الجديدة، يتم اقتناؤها من المال العام بمبالغ خيالية تزيد عن 90 مليون سنتيم.

المغاربة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، كشفوا كذلك، سيارات فارهة تحمل ترقيم جماعات قروية وحضرية، يستعملها رؤساء لمجالس لا تتوفر على مستوصف أو مدرسة أو بنية تحتية في المستوى، في حين تكون الميزانية متوفرة لاقتناء سيارات فخمة.
والنموذج من مجلس جهة سوس ماسة ومعها جهة الراشيدية تافيلالت أكثر الجهات فقرا  ، فلاحظ سكان هاتين الجهتين بأن  رؤساءها خصصوا ميزانية ضخمة من أجل الزيادة في أسطول سيارتهما، مما عرضهم لاتهامات من المعارضة بتبذير المال العام.

اليوم يتباهى عدد من رؤساء البلديات والجماعات القروية بسياراتهم باقتناء أغلبها يفوق ثمنها 20 مليون سنتيم، وسيارات أخرى للموظفين، ضاربين عرض الحائط التوصيات الداعية الى التقشف في كل شيء: الاستقبالات ، الندوات ، السفريات استهلاك الطاقة ، لتبقى هذه الأخيرة هي التي استجاب لها رئيس بلدية أكادير ، حيث يعمد إلى نقص صبيب الإنارة العمومية بأهم شوارع المدينة ، مسدلا عليها الظلام قبل الأوان لتشجيع اللصوصية كما عبر عدد من السكان… وتبقى قرارات الحكومة في ترشيد النفقات ومحاربة هدر المال العام،و الاستغلال البشع لسيارات الدولة،ليست سوى شعارات قصد الاستئناس وإلهاء الشعب الذي تنتزع منه أموال الضرائب لصرفها في أغراض ثانوية.

– قرارات ” عقيمة” لوزارة الداخلية

من جديد أصدرت وزارة الداخلية  قرارًا جديدًا يمنع استعمال سيارات الدولة المُخصصة للخدمة خارج أوقات العمل، كما طالبت الداخلية رؤساء الجماعات بعدم استعمال السيارات المملوكة للدولة من دون إذن مسبق خارج أوقات العمل وفي نهاية الأسبوع، ودعت إلى احترام مدار السير المحدد في “الأمر بالتنقل”، ونيل تصريحات بشأن كل ما يخالف ذلك، وأمرت عناصر الأمن والدرك بحجز كل سيارة للدولة أو الجماعات الترابية، تتحرك خارج نطاق الاختصاص من دون إذن من المخوّل لهم ذلك.

وجاء قرار وزارة الداخلية، عقب صدور تقرير المفتشية العامة للمال الذي أكّد وجود اختلالات في النفقات المخصصة للتأمين على الحظيرة، موضحًا أن تكاليف التأمين تجاوزت 54 مليار سنتيم، مشددًا على غياب متابعة لتنفيذ عقود التأمين وسوء فهم للحقوق، التي تخولها للإدارات، بخاصة عند وقوع حوادث كما سجل التقرير، واختلالات في مراقبة وتنفيذ عقود التأمين بين المؤسسات العمومية، بما فيها الجماعات الترابية وشركات التأمينات.

لكن ماذا يحدث بخصوص تفعيل هذه القرارات على أرض الواقع، لاشيء تحقق، واستمر المسؤولين في عبثهم بالمال العام، دون حسيب او رقيب، ولم يعد أي أحد يأبه بتلك القرارات التي أصبحت شيء ” عادي” في حين ان المواطن يرى بشكل يومي، كيف يهدر المال العام، فلم تعد سيارات الدولة تقف بالقرب من المطاعم والمقاهي، بل تجاوزتها الى الملاهي الليلية، وكم من مرة نشرت صور في مواقع التواصل الاجتماعي، بل هناك من يستعملها في الاعراس والمناسبات العائلية، حتى إشعار أخر، مقابل أن حكومة العثماني منهمكة على استخلاص الاموال من المواطنين المنهوكين أصلا، من أجل سد نفقات الدولة وإحياء ميزانيتها السنوية، في حين تستمر الالاف من سيارات المصلحة إمتصاص ميزانية ضخمة ممكن استعمالها في بناء مستشفيات ومدارس في العالم القروي او الحضري.

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. لماذا تعطى أصلا سيارات لخادم الدولة. أهل هم خدام الدولة فعلا أم كيخدموها فهمتوني. لنفترض من حقهم سيارات كما هو في بلدان العالم ، فلماذا تعطى لهم سيارات فاخرة وباهضة الثمن تستهلك كميات كبيرة من المحروقات ؟ لماذا لا تعطى سيارات صغيرة واقتصادية مثل سيزوكي ؟ ثمنها واستهلاكها منخفض. يا رئيس الحكومة أين هي الحكامة التي تنافق بها في البرلمان ؟ الشعب رفضت الزيادة في الأجرة لكي تستمروا أنتم في رفاهيتكم .

  2. والله مكاينة شي مراقبة شحال كنشوف من سيارة الدولة هاالي ماشي يجيب ولاو من المدرسة هاللي مركب الزوجة ديالو ماشي بها الحمام هاللي ماشي للسوق .واللي زاد الطين بلة هدا القانون الجديد ممنوع التشهير والتصوير يعني هدا القانون لصالح فئة معينة

  3. ومع دلك بسيارات المسؤولين الفخمة ولايلتحقون لمقرات العمل في الوقت الاداري صباحا ويفرضونه بصرامة على الموظفين الصغار وتهديدهم بالعقوبات كما يطرا مع مسؤولي الامن و دعوة عمومية للجميع اجيو او تفرجو النفاق والاختلال بمقر الت الامن

  4. الله ماهدا منكر والشعب جاءع في اوروبا الوزراء كيركبوا سياراتهم الخاصة أو ياخد bicicletaاو الحافلة مع الشعب وانتم خربتم البلاد تشتغل لمصلحتكم الخاصة اف اف عليكم

  5. 45 مليار ثمن المحروقات فاين الثمن الاجمالي لهذه السيارات زائد عمليات الصيانة حيت يمكنننا الوصول الى رقم 300 مليار بسهولة !!!!وباهمال مسؤؤلينا او تغاضيهم عن نفقات غير مبررة ولا تخضع الى منطق.
    السؤال الطويل العريض هو كيف يتم تبرير هكذا صفقات والحالة المالية التي يعرفها بلدنا المغرب ويكتوي بتبعاتها المواطن المغلوب على امره؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى