شخصيات تركت أثرا في ذاكرة المغاربة .. الحلقة السادسة: كريم العمراني

لبنى أبروك – هبة بريس

تعاقب على المغرب طيلة السنوات الماضية، شخصيات أمنية وسياسية وحزبية صنعت تاريخا لها، ونجحت في ترك أثر لاسمها في ذاكرة جميع المغاربة الذين عايشوا فترتها أو الذين قرأوا وسمعوا عنها قصصا وروايات جذبت اهتمامهم وفضولهم.

وزراء، سياسيون، حزبيون، أمنيون ورجال دولة سنستعيد أسماءهم عبر هذه السلسلة الاسبوعية، و سنسافر وإياكم إلى الوراء بحثا عن أهم إنجازاتهم وأعمالهم أو الجدل الذي أثارته أسماءهم خلال فترة سلطتهم وهيمنتهم أو بعد إبعادهم أو ابتعادهم.

دراستهم، تكوينهم، مناصهم وأهم الانجازات والأحداث التي طبعت مسارهم، وكذا الشخصيات المعروفة التي رافقت مسيرتهم، والتي كشفت جانبا من حياتهم وكواليسا ووقائعا من سيرتهم، تلك هي الجوانب التي سنتطرق إليه بالمختصر المفيد خلال هذه السلسلة.

الحلقة السادسة: كريم العمراني

اسم سطع نجمه في عالم السياسة والتجارة والاقتصاد، انطلق من الصفر، ليصل في ظرف قياسي إلى أعلى المناصب بالدولة وبين رجال الأعمال.

اسم يضرب بيه المثل في عالم المال والأعمال، وفي العصامية، اسم كان يجمع بين الذكاء والعمل الجاد والخلق الحسن.

هو كريم العمراني، أول مسؤول حكومي مغربي يتقلد منصب وزير أول لأزيد من ولاية، وينجح في الجمع بين السلطة والمال، والعمل السياسي والاقتصادي، فماهي قصته?

في 1 ماي سنة 1919، ولد محمد كريم العمراني، بأحد أحياء مدينة فاس العتيقة، وسط أسرة بسيطة، رحل عنها معيلها الوحيد “الأب” في السنوات الأولى من عمر الابن “المحظوظ”.

كريم العمراني، لم يجلس بالمقاعد الدراسية لسنوات متتالية، ولم يحصل على تكوين عال، يخول له الحصول على وظيفة أو منصب حكومي معين، لكن عشقه لعالم التجارة والمال والأعمال، الذي استهواه منذ صغره، فتح له أبواب الغنى والثراء على مصراعيه.

كريم العمراني الذي ترعرع داخل أسرة متوسطة، بدأ من الصفر، حيث انتقل الى العيش مع عمه الميسور، هذا الأخير الذي قرر فتح دكان صغير لابن شقيقه بالمدينة القديمه بفاس.

أحلام التاجر الصغير “الكبيرة” دفعته الى الهجرة نحو العاصمة الاقتصادية “الدار البيضاء” رفقة عائلته، حيث فتح متجرا لبيع أجهزة “الراديو” لإقبال المغاربة على هذا الجهاز بسبب الأحداث الوطنية والدولية التي ميزت تلك الفترة.

متجر العمراني الصغير بالبيضاء، مكنه من نسج علاقات كبرى مع شخصيات فرنسية ومغربية، هذه العلاقات التي يسرت له اكتساب لغة المستعمر وحقل معرفي بسيط بالعالم السياسي والاقتصادي.

نجاح العمراني في مجال التجارة، مكناه من الحصول على وظيفة عمومية، بعد الاستقلال، حيث تسلم منصب مدير ديوان عبد الرحيم بوعبيد، في وزارة المالية والاقتصاد ضمن الحكومة التي شكلها محمد الخامس، ثم رشحه الوزير الاول الاسبق امبارك البكاي لإدارة المكتب الشريف للفوسفاط، في يوليوز 1959 ، ليقيله الملك الراحل الحسن الثاني في بداية الستينات بسبب تعاطفه مع “بنبركة وبوعبيد”، قبل أن ينجح في الحصول على ثقة الملك ويستعيد أقوى المناصب الاقتصادية والمالية أنذاك في 17 ماي 1967 ، واستمر في تدبير هذه المؤسسة الى غاية 31 يوليوز 1990 .

تميز العمراني في المجال الاقتصادي والمالي، لم يمنعه من ابراز اسمه في الساحة ااسياسية التي كانت تعاني الجمود خلال فترته، حيث نجح في قيادة أهم الحكومات في تاريخ المغرب لسنوات متتالية، بدءا من سنة 1971 إلى حدود 2 نونبر من سنة 1972، ثم سنة 1983 إلى 30 شتنبر من سنة 1986، و من 11 غشت من سنة 1992 إلى 25 ماي من سنة 1995.

و رغم تعليمه المتواضع، غير أن عدد من المقربين من العمراني، أكدوا أنه شخص ذكي، يتحدث ويناقش بلغة الأرقام، وله دراية واسعة بجميع الجوانب المتعلقة بعالم الاقتصاد والمال و كافة تطوراته ومستجداته.

كريم العمراني أو “جوكر الحسن الثاني” كما كان يلقبه عددا من مقربيه، صنع اسما له في تاريخ المغرب اقتصاديا وسياسيا، غير أنه لم يغفل عن ترك ثروة مهمة لأبنائه، وأسس واحدة من أكبر المؤسسات الاقتصادية الوطنية.

مجموعة “سفاري” التي أسسها وصنعها العمراني لأبنائه وأحفاده، تبلغ ثروتها اليوم أكثر من 3 مليار دولار، وتضم أكثر من 16 مؤسسة متنوعة، تشتغل في مجال استيراد وتركيب السيارات والجرارات والأخشاب والنسيج والتعدين والفحم والفلاحة، هذه المجموعة التي تديرها نجلته سعيدة العمراني يشهد لها بالتميز وبالحضور الاقتصادي والاجتماعي والانساني.

مسيرة محمد كريم العمراني، -بائع المذياع الذي تحول لسياسي وواحد من أهم رجال الأعمال المغاربة-، تستحق اليوم أن تلقن وتدرس للطلبة والشباب المغاربة الذين يطمحون للمضي أماما في عالم المال والأعمال والسياسة النظيفة.

“محمد كريم العمراني كان من الوطنيين الصادقين المتشبثين بثوابت الأمة ومقدساتها، والعاملين بكل إخلاص ونكران ذات واجتهاد في خدمة وطنهم”، هكذا وصف الملك محمد السادس “جوكير الحسن الثاني” الذي انتقل الى رحمة ربه شهر شتنبر الماضي عن عمر يناهز 99 سنة.

الراحل، تقول برقية التعزية الملكية، تقلد أكبر المسؤوليات في عهد جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، حيث كان مستشارا لجلالته ووزيرا أول، ومديرا عاما للمكتب الشريف للفوسفاط، ومؤسسا للعديد من المؤسسات الاقتصادية المغربية، مبرهنا خلال قيامه بما تقلده من مهام عن كفايته وتبصره، وحنكته كرجل دولة ورجل اقتصاد مشهود له ببعد النظر وثاقب الفكر.. نتضرع الى الله عز وجل أن يجزي الراحل خير الثواب عما أسدى لوطنه من خدمات جليلة، وما قدمه من أعمال مشكورة، ليجد ذلك يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا”

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. Continuer à rire de ce pauvre peuple. Ce monsieur a été le gardien de l’OCP pour ses maîtres et lui aussi se déplaçais en hélicoptère personnel. En effet, nous gardons des souvenirs de l’exploitation, de l’exclusion, et la marginalisation de ce peuple.

  2. لا شك أن هذا الذي تريد ان تصوره لنا بطلا ليس إلا ناهبا للمال العام.
    كيف يعقل أنه مجرد تاجر مدياع من فاس لا تعليم جامعي ان يدير المؤسسات الحكومية الكبرى لولا التغاضي من الكبار مثل بوعبيد و غيره من الفاسيين؟
    الاولى تقديم الفاسيين للعدالة من تقديم الزفزافي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى