فــاجعة أمليل: الـدروس الـمستقاة

أعادت فاجعة امليل المؤلمة الى الأذهان مجموعة من الأحداث المؤسفة التي كان المغرب مسرحا لها طيلة السنوات الماضية. أحداث استنكرها القاصي والداني، الإسلامي والتقدمي والحداثي، لأنها أبرزت أن الإرهاب ظاهرة عالمية، يمكن أن يضرب بعنف وبقوة في كل مكان وفي أي وقت.

صحيح أن الأجهزة الأمنية تحرص جاهدة على تفكيك الخلايا النائمة والذئاب الجائعة، التي تتربص بالمواطنين وبالسياح من أجل توجيه ضربات موجعة الى قطاع السياحة بشكل خاص، والاقتصاد الوطني بشكل عام، من خلال توطين سياسة استباقية، تروم الحد من خطورة هؤلاء المجرمين الذين يسعون الى زرع الفزع والرعب في قلوب الوطن.

بيد أنه جدير بالذكر الإشارة الى أن المجهودات المضنية المبذولة من قبل الأجهزة الأمنية تظل غير كافية، بالنظر الى حجم تنامي الظاهرة وتعاظمها، واتباع أساليب جديدة ومبتكرة للتمويه من قبل العناصر الارهابية.

ان حادثة امليل فيها نقل للنشاط الإرهابي من المناطق المكتظة بالسكان، الى مناطق نائية ومعزولة، لكنها تعتمد في اقتصادها على السياحة وعلى العملة الصعبة الأجنبية، الشيء الذي يتطلب من الجهاز الأمني التكيف مع طبيعة هذا المعطى الجديد والتعامل معه بالجدية والحزم المطلوبين، بغية تعميم السكينة والطمأنينة في نفوس المواطنين.

ان مقاربة الإرهاب ومحاولة التخفيف من وطأته، تتطلب بالأساس أن يتحمل كل مكونات المجتمع مسؤولياتهم، وأن ينخرط الجميع في هذه الدينامية الحازبة من أجل تجفيف منابعه أو على أقل تقدير الحد من خطورة استفحاله.

ان المدرسة الوطنية، المفعمة بالحياة والمتعة والابداع، مطالبة بالانخراط بجدية في هذه المعركة الحاسمة، معركة التطرف والإرهاب، من خلال تنقيح البرامج والمناهج من كل الشوائب العالقة بها، وتزويد المتعلم بالكفايات والقيم الإنسانية والحضارية النبيلة، والتي قوامها التسامح والصفح وتدبير الاختلاف والحوار البناء والفكر النقدي. وهذا لن يتأتى الا عبر تفعيل أدوار الحياة المدرسية، وتوطين الأندية التربوية، والاشتغال بذهنية الفريق على مشاريع تربوية تتغيأ ترسيخ القيم.

ان الاعلام بوسائطه المتعددة مطالب بدوره أن يلعب أدواره الوازنة في التحسيس والتوعية والترويج للقيم السامية والايجابية. ان الاعلام له ماكينة عجيبة لاختراق المشاهدين والقراء والمستمعين، واستثمار هذه الألة من الأهمية بمكان من أجل تطويق ظاهرة الإرهاب.

ان الأحزاب والنقابات وفعاليات المجتمع المدني، بما هي اليات دستورية ومؤسساتية للوساطة، عليها أن تلعب أدوارها الريادية في التأطير والمواكبة من أجل بناء مواطن مشبع بروح المواطنة وحب الأخر، ناهيك عن الجامعة المغربية كمشتل للبحث والدراسات العلمية من أجل فهم ظاهرة الإرهاب والتعصب والتطرف. الحقل الديني والخطاب الثقافي والفني مدعو أكثر من أي وقت مضى ان ينخرط في هذه المعركة من أجل كسب رهان التنمية.

نشير في المنتهى أن الحكومة مطالبة بإيجاد حلول ناجعة لأحزمة الفقر والهشاشة، وتنامي البطالة، والحد من نزيف الهدر المدرسي من خلال حزمة من الإجراءات الرامية الى توفير ظروف العيش الكريم للمواطن المغربي، حتى لا يتم استغلال الظروف الكابية للمواطنين من أجل تجنيد واستقطاب العديد من الضحايا وزجها في اتون الإرهاب.

خالد بركاوي : أوطاط الحاج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى