المهدوي يكتب: لاقضاء ولا وطن و الصحافي في السجن

الصحفي حميد المهدوي :

من حق الاستاذ، حكيم الوردي عضو نادي قضاة المغرب، الدفاع عن إستقلالية القضاء بمهاجمته للوزير المصطفى الرميد بوصفه قرارا قضائيا بالأخرق، صدر ضد الأستاذ عبد العالي حمي الدين متعه الله بمحاكمة عادلة، ومن حقي كصحفي أن أذكر السيد الوردي بتكريم قيادة نادي قضاة المغرب للوزير الرميد في مدينة الجديدة بعد عزله لزملائكم الاستاذة محمد الهيني والقاضي عنبر.

صراحة لا أعرف كيف يستطيع الأستاذ الوردي إقناع نفسه بأنه يدافع عن إستقلال السلطة القضائية وهو الذي دبحها من الوريد إلى الوريد عندما حرف بعض كلامي مع المشبوه الذي إتصل بي، في ملتمسه الكتابي الموجه للسيد قاضي التحقيق، وحين حرف بعض وقائع الملف بتغيير زمن مكالمة، جرت صباحا وجعلها ليلا رغم إطلاعه على محضر المكتب المركزي للأبحات القضائية الذي يؤكد أن المكالمة الأولى جرت صباحا وليس ليلا، أو عندما افترى الأستاذ الوردي على رئيس دار الحديث الحسنية الدكتور الجليل أحمد الخمليشي، بقوله بأن الأخير يعتبر جريمة عدم التبليغ عن سلامة الدولة بكونها جريمة شكلية والحال أن كتاب القانون الجنائي الخاص للدكتور الخمليشي يؤكد فيه أنها جريمة قصدية عمدية مادية، بحيث لا يمكن معاقبة المتهم بارتكابها إلا اذا كان عالما بخطط وأفعال تمس سلامة الدولة، واختار عن طواعية وقصد عدم التبليغ، والصادم والطريف أن السيد الوردي طالب في ملتمسه الكتابي في آخر صفحة بضرورة متابعتي حتى ولو إنتفى القصد الخاص لذيَّ، وفقا للفقه الراجع دون الإشارة إلى إسم الفقيه ولا إلى كتابه وبعد خمسة أسطر فقط تناقض مع نفسه حين كتب بأني أتيت جنحة عدم التبليغ عن بينة وإختيار!

كيف يجوز للأستاذ الوردي الدفاع عن إستقلالية القضاء وهو يعثبر الجرائم الماسة بسلامة أمن الدول جرائم شكلية ضدا عن الفصل 133 من القانون الجنائي المغربي الذي ينص على مايلي:”الجنايات والجنح لا يعاقب عليها إلا اذا أرتُكبت عمدا”؟ 
كيف نُصدق أن السيد الوردي يدافع عن إستقلالية القضاء وقد حاول تضليل الرأي العام بعد أن نفى بشكل مطلق أمام عشرات الصحفيين والمحامين والمواطنين وهيئة قضائية جنائية وجود دبابات في كلام المشبوه الذي اتصل بي، قبل أن يلود بصمت القبور عقب نشر تسجيل صوتي للمكالمات يتضمن حديث المشبوه عن الدبابات، فهل يمكن لمواطن أن يدافع عن إستقلال القضاء ويظلل الناس والتظليل الذي يعثبر أقصى أشكال القمع كما يقول فقهاء علم السياسة؟.

هل يعقل أن يدافع أحدا عن إستقلالية القضاء وهو يعتقل صحفيا بناأ على مكالمة خرافية فقط، دون بحث ولا تحقيق في مزاعم ماجاء في هذه المكالمة التي ليست فقط عباراتها بل حتى أحرفها كذب في كذب.

بل الأفظع أن السيد الوردي إعترف بنفسه لي أمام العديد من رجال الشرطة وبحضور طبيبة في قبو المحكمة بقول المشبوه كذاب، وذلك حين قال لي حرفيا:”أنت عقتي بيه فالمكالمة الرابعة”، وهي شهادة تفي كون إعتقالي مجرد تصفية حسابات معي بسبب أرائي الصحفية المزعجة، كما هي شهادة حية على أن بقائي في السجن دقيقة واحدة وصمت عار على جبين كل المساهمين و المشاركين في إعتقالي.
ثم كيف نثق أن السيد الوردي يدافع عن القضاء والقانون وقد أنكر المادة 89 من قانون المسطرة الجنائية عندما نكص وضع في ملتمس التحقيق ضدي مطالبته للسيد قاضي التحقيق بالقيام بكل الإجراء مفيد لإظهار الحقيقة، كإجراء تحرير إنابة قضائية وفقا للمادة 714 من قانون المسطرة الجنائية يوجه للسلطات الهولاندية لكشف حقيقة الإجتماع المزعوم بأمستردام يوم 27 ماي 2017 لأفراد لشراء دبابات وتقديم عربون لروسيا، وغيرها من المزاعم الخرافية الواردة في المكالمات على لسان المشبوه؟.

هل يعتقد السيد الوردي أن ذاكرتنا ذاكرة سمكة، بمحاولة إقناعنا بأنه يُدافع عن إستقلالية القضاء وحرمة القانون، وهو الذي نفى خلال إحدى الجلسات…. متابعة ضد أحد دون شكاية علما أن المادة 39 من قانون المسطرة الجنائية تؤكد مايلي:”يمارس وكيل الملك الدعوة العمومية إما بناأ على شكاية أو تلقائيا”، فيما المادة 49 من نفس القانون تنص على مايلي:” يتلقى الوكيل العام شكايات والمحاضر و الوشايات”، مع التذكير أن السيد الرميد عندما كان رئيس النيابة العامة كان قوامها نفس أسلوب السيد الوردي، بحيث كلما وجه الرميد بعجزه عن تحريك متابعة ضد شخص نافذا إدعى غياب وجود شكاية في الموضوع.

وهل يعقل أن نصدق أن الأستاذ الوردي يدافع عن إستقلالية القضاء وهيبة القانون وقد تمرد على الفصل 110 من الدستور المغربي الذي يؤكد على ما يلي:” يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون”. وذلك حينما إكتفى بما تضمتنه المكالمات من خرافات ومزاعم خيالية برمي صحفي مهني في السجن دون بحث من قبل الضابطة القضائية التي تشتغل تحت سلطته بمقتضى المادة 49 من قانون المسطرة الجنائية والفصل 128 من الدستور المغربي.

فهل هناك محاكمة في العالم وفي تاريخ البشرية دون بحث ولا تحقيق ولا نتائج لهذا التحقيق؟

فهل بقي بعد هذا الدبح للقانون والدستور دبح أبشع من هذا؟.

في سابقة قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني إن فرنسا وضعها أسوء من وضع المغرب ويصفها بعض فقهاء الدين ب”دار الكُفر” بعث قاضي التحقيق في ملف الشهيد بن بركة بإنابة قضائية للسلطات المغربية للإستماع لبعض المسؤولين وبعد أن نفت السلطات المغربية علمها بعناوين المطلوب الإستماع إليهم، تخفى قاضي التحقيق الفرنسي في صورة فلاح وحاول الدخول للمغرب لتبرئة دمته القانونية والأخلاقية والقضائية اتجاه جثة لا تربطه بها لا رابطة الإسلام ولا رابطة العروبة ولا رابطة الوطن، وقد فعل قاضي التحقيق الفرنسي كل هذا في جناية واحدة فقط لا غير وهي جناية إغتيال الشهيد المهدي بن بركة. في المغرب الذي يعثبره فقهاء الدين “دار الاسلام” قام فيه قاضي التحقيق عبد الواحد مجيد بإستنطاق أزيد من 50 متهما وتابعهم جميعا بأزيد من 400 جنابة وجنحة ، ولم يحرك إنابة قضائية واحدة ولا سافر إلى هولاندا ولا إلى روسيا ولا حتى إلى الحسيمة ولا تخفى في صورة فلاح ولا في صورة نجار، واكتفى بما أحاله عليه السيد حكيم الوردي وحقق داخل مكتبه فقط لمدة ثلاثة أشهر لا غير، وألقى بالجميع في السجن وذهب لقضاء عطلته القضائية.

تأمل عزيزي القارئ هذه المفارقة المرعبة والصورة المفجعة والصادمة لكل ضمير قضائي وحقوقي وإنساني لتخلص إلى الجواب عن أسباب تخلفنا وأسباب المشاكل.
لماذا لا يكتب الحقوقي الأستاذ الوردي مقالا يقارن فيه بين العدالة في “دار الكفر ” والعدالة في “دار الاسلام” ؟

لماذا لا نقرأ للحقوقي عضو نادي قضاة المغرب الأستاذ الوردي يتحدث فيه عن ترويع صحفيين وصحفيات من طرف أزيد من 30 شرطي عند إقتحامهم لمقر جريدة أخبار اليوم وكأنهم سيعتقلون مفجر أركانة وليس صحفيا مهنيا، الأعداء قبل الاصدقاء يشهدون له برشاقة قلمه و تحليلاته السياسية الثاقبة ؟

ما رأي الحقوقي الأستاذ الوردي في إدانة صحفي ب 12 سنة سجنا نافذا دون وجود بصمات على آلة التصوير ولا مشهد مستخرج من نفس الآلة يظهر الضباط لحظة دخولهم مكتب الصحفي، ولا خبرة على حاسوب الصحفي تظهر تفرجه على مشهد مستخرج من آلة التصوير؟.

وهل يمكن للحقوقي المنتمي لنادي قضاة المغرب الأستاذ الوردي أن يمتعنا بمقال حول رأيه في دبح القاضي علي الطرشي ومستشاره للمادة 277 من قانون المسطرة الجنائية عندما إدعت الهيئة في نسخة حكمها بأني مواكب لجميع الأحداث الدامية التي عرفتها منطقة الريف دون أن تسألني ولا ورد هذا الأمر أمام قاضي التحقيق، ولا واجهتني بصورة لخبر نشرته عن هذه الأحداث ، وأنا لا علم لي ، والله يشهد، لا بحدث “تاركيست” ولا حدث “ولاد أمغار” ولا حدث “بوكيدار” ولا أحداث “إمزورن” ولا غيرها من الأحداث التي لم أطلع عليها إلا وأنا داخل المحاكمة بعد أن عرضت الهيئة مشاهدها على بعض المتهمين؟

وهل يُتحفنا الحقوقي الأستاذ الوردي بمقال عن جواز حكم القاضي بعلمه بعد أن دنى السيد الطرشي ومستشاريه عليا ب 1195 يوما من الحبس بناأ على عبارات مجردة من أي إثبات من قبيل أن المشبوه “معروف بتوجهاته الانفصالية” أو عبارة “وجود تنسيق” أو عبارة “تزامن تلقي المكالمات مع أحداث دامية” أو عبارة “المشرع في جرائم الماسة بسلامة أمن الدولة يكثفي بالنشاط الإجرامي” دون الإحالة على أي فصل ولا حكم قضائي ولا إجتهاد فقهي ؟

ثم لماذا لا يتحفنا الأستاذ الوردي بمقال يؤكد فيه حق القاضي في إجراء قياس بين جريمة عدم التبليغ وجريمة الإرهاب كما فعل القاضي الطرشي ومستشاريه في نسخة حكمهم ضدي، علما أن القاضي لا يحكم بالقياس وإنما بالفصول القانونية والوقائع المادية الثابتة؟

وهل يستطيع الحقوقي الأستاذ الوردي أن يوضح للمغاربة أن أسباب إدعائه في ملتمساته الكتابية وفي مرافعاته بأن المشبوه متآمر ومجرم خطير وبعد ذلك عاد ليقول بأنه مجرد متعاطف متهور، قبل أن يقول لي في غرفة السجن “إجابتك امام قاضي التحقيق كانت جيدة”؟والمغاربة كلهم معك فيما رئيس النيابة العامة يقول” السي المهدوي الله يفرج عليه”؟.

هل يستطيع أن يبرر لنا الاستاذ هذا الخليط.؟

يعاني الحقوقي الأستاذ حكيم الوردي من ثلاث مشاكل:

 
الأولها أن السيد الوردي يؤمن بإستقلالية القضاء ولكنه لا يؤمن بشروط تحقيق هذه الاستقلالية. يؤمن بالعدالة ولكنه لا يؤمن بالإجراأت المحققة لهذه العدالة، وبذلك ينسحب عليه قول المفكر اسحاق دويتشر “الإيمان الذي تنقصه الأفعال إيمان ميت”.
المشكل الثاني هو أنه يتوهم أن المغاربة أغبياء حيث بمقالاته يعتقد إنه سينسون ظلمه لصحفي ورميه في السجن .

أما مشكلته الثالثة هي أن بحكم إنتماءه لنادي قضاة المغرب يريد الدفاع عن الحق لكنه يجد نفسه في وضع حرج عندما يطلب منه الدفاع عن الباطل فلا يتردد في إعتقال صحفي ظلما وعدوانا، فيظيع منه حب الناس لهذا بين الفينة والأخرى يكفر عن غلطته ويحاول كتابة مقال لتبييض وجه متابعته الظالمة، ولوعيه أن المغاربة مقتنعون أنه لا قضاء ولا وطن والصحفي في الحبس.

وختاما أقول للسيد الوردي وللسيد المسعودي ومعهما السيد قاضي التحقيق عبد الواحد مجيد والسادة القضاة علي الطرشي والبراقي والفاطمي ظمان لقد أحلتموني ظلما وعدوانا على غرفة السجن ولكني أحلتكم عدلا وإنصاف على غرفة الضمير والتاريخ وشتان بين غرفة سجن ستنقضي عقوبتها مهما طال الزمن، وغرفة الضمير والتاريخ التي ستبقى عقوبتها دائمة إلى أن يرث الله الارض ومن عليها.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى