صراع دام بالسيوف بإقليم سيدي بنور بسبب صفقة عمومية مسيلة للعاب!

أحمد مصباح – الجديدة

اهتز إقليم سيدي بنور على وقع أعمال “بلطجة”، وصراع دام بالأسلحة البيضاء، وكذا، نازلة مرورية على الطريق العمومية، كان مسرحا وقوعهما غير متباعدين مكانيا ووقتيا، وحتى أن ظروف وملابسات النازلتين، تشير إلى وجود علاقة في مسبباتهما، وكذا، إلى بصمات من خططوا ووضعوا السيناريوات، وحركوا خيوط اللعبة سواء عن كثب، أو ب”التليكوموند”.
هذا ما أطلع عليه الجريدة مصدر مطلع، تحفظ عن ذكر هويته وصفته، والذي شدد على أن الواقعتين لهما ارتباط وطيد بصفقة عمومية، كراء سوق قروي أسبوعي، تم البث فيها، يوم وقوع النازلتين.
وحسب المصدر ذاته، فقد عمد من له أو لهم المصلحة، إلى تعبئة “بلطجية”، زاد عددهم بكثير عن عشرة أفراد مدججين بأسلحة بيضاء، عبارة عن سيوف وقنينات “لاكرموجين”. إذ قطع “البلطجية” الطريق على ممثلي شركات متخصصة في كراء الأسواق القروية الأسبوعية، حلوا لتوهم بالجماعة القروية، ومنعوهم بالقوة من الولوج إلى المصلحة الجماعية المختصة، بغية إيداع ملفات ترشيحهم، للتنافس، وفق الشروط والمعايير المنصوص عليها في كناش التحملات، على صفقة كراء السوق القروي الأسبوعي، الكائن بتراب الجماعة المحلية. وهي الصفقة العمومية التي حسم فيها المجلس القروي، في اليوم ذاته.
هذا، وكان السبيل الأنجع لإبعاد الشركات، التي كانت تحظى بحظوظ كبيرة للظفر بصفقة كراء السوق الأسبوعي، حسب المصدر ذاته، هو استعمال القوة غير المشروعة في حق ممثلي الشركات، للحيلولة دون إيداع ملفات ترشحهم.
فقد سحب “البلطجية”، باستعمال العنف والسلاح الأبيض، من ممثلي الشركات المنافسة، ملفاتها التي تضمنت وثائق إدارية، وشيكات الضمانة. أما من أبدوا مقاومة، واستطاعوا الإفلات بجلدتهم، والفرار بأقل الخسائر، على متن سيارتهم، دون التفريط في ملفاتهم، فقد لحق بهم “البلطجية” على متن عربتين، كانتا تسيران بسرعة جنونية وبشكل متهور، في مطاردة جديرة بأفلام الإثارة الهولوودية. ما تسبب في انقلاب العربة المطاردة، وإصابة من عليها بجروح بليغة، يخضع على إثرها أحد المصابين للعناية الطبية المركزة، في مصحة خاصة بالدارالبيضاء. وهي النازلة التي أراد بعضهم تغيير معالمها، بغية تكييفها إلى حادثة سير، لتضليل المحققين والعدالة. وهذا ما يمكن الوقوف عليه من حالة العربتين اللتين حجزتهما الضابطة القضائية لدى الفرقة الترابية للدرك الملكي، صاحبة الاختصاص الترابي، والتابعة لسرية سيدي بنور، والتي تلقت بالمناسبة شكايات من ممثلي الشركات المتنافسة، المعتدى عليهم. وهي الشكايات التي فتح بشأنها المحققون بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة المختصة، ممثلة في الوكيل العام باستئنافية الجديدة.
وترقى أعمال “البلطجة” والاعتداءات بأياد مسلحة، مع سبق الإصرار والترصد، إلى أفعال جنائية، منصوص عليها وعلى عقوباتها في القانون الجنائي، تكمن في تكوين عصابة إجرامية، والاعتداءات الجسمانية البليغة بالأسلحة البيضاء (..).
إلى ذلك، فإن كراء السوق القروي الأسبوعي، قد رست على المسمى (ي.)، الذي ابتسم له الحظ، بعد أن حسمت الجماعة القروية المعنية، في اليوم ذاته، يوم وقوع النازلتين اللتين لهما ارتباط وطيد في ما بينهما، وغير المتباعد وقوعهما مكانيا وززمانيا، (بعد أن حسمت) في الملفات المحدودة عدديا، والتي توصلت بها، وذلك في غياب ممثلي الشركات، المعتدى عليهم، والذين كانوا يشكلون منافسة قوية، وكانوا يحظون بفرص كبيرة للظفر بالصفقة العمومية، صفقة كراء السوق القروي الأسبوعي.
كل هذا يجر إلى طرح تساؤلات واقعية وموضوعية، من شأنها أن تساعد الضابطة القضائية والنيابة العامة، في الأبحاث والتحريات، وتسليط الضوء على بعض الجوانب المظلمة في القضية، وفك لغزها، والكشف عن الحقيقة كاملة، وظروف وملابسات النازلتين، والوصول إلى جميع الفاعلين، ليس فقط الظاهرين منهم (les muscles)، أو أكباش الفداء “المحتملين” (les boucs émissaires)، وإنما كذلك من خططوا ووضعوا السيناريوات، وحركوا خيوط اللعبة سواء عن كثب، أو ب”التليكوموند” (les cerveaux/les instigateurs). تساؤلات هي كالتالي:
لماذا غابت أو تم تغييب الإجراءات الأمنية المعتادة في مثل هذه الصفقة العمومية، صفقة كراء السوق القروي الأسبوعي، من أمام مدخل الجماعة القروية، في اليوم الذي كان مقررا فيه أن تتلقى المصلحة الجماعية المختصة، ملفات ترشيح الشركات المتنافسة، والحسم فيها.. أو بصيغة أخرى، لماذا غابت أو تم تغييب، على خلاف الجاري بها العمل في مثل هذه المناسبات، من أمام مقر الجماعة الترابية، الإجراءت الأمنية، التي من المفترض والمفروض أن تؤمنها السلطات الدركية والمحلية، ممثلة في رجال الدرك الملكي، وقائد القيادة، بمعية أعوان السلطة (الشيوخ والمقدمين)، وأفراد القوات المساعدة ؟!
ولماذا الاستعجال كان السمة التي طبعت وميزت أو تميز بها الحسم في هذه الصفقة العمومية، رغم أن المسؤولين بالجماعة كانوا على علم بنازلة الاعتداء على ممثلي الشركات المتنافسة، التي أقصيت بالقوة وضدا على القانون من الترشح والمنافسة على كراء السوق القروي الأسبوعي، الذي رسا على “المحظوظ” (ي.)، أحد أبناء المنطقة..؟!
فهل هاجس الربح، ربح بعض ملايين السنتيمات، التي تكون مالية الجماعة الترابية قد حققته من خلال هذه الصفقة العمومية، التي جرت في “ظروف فيها ما فيها”، وتم الإسراع والتسريع بالحسم فيها وتفويتها إلى الشخص “المحظوظ”، مبررا لإقصاء الشركات القانونية، التي كانت تعتزم إيداع ملفاتها، للتنافس على صفقة كراء السوق القروي، وفق معايير الشفافية والمنافسة الشريفة..؟!
وهل قبل الحسم في هذه الصفقة المثيرة للجدل، استشار رئيس المجلس الجماعي مع عامل إقليم سيدي بنور، باعتباره يمثل سلطة المراقبة، طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم: 14- 113، المتعلق بالجماعات المحلية..؟!
هذا، واستحضر مصدر الجريدة، الذي تحفظ عن ذكر اسمه وصفته، أن ثمة وسائل إثبات وأدلة دامغة، وأن الفاعل الرئيسي، ومن يحوم أو يحومون في فلكه، والذي تشير إليه أصابع الاتهام، مازال حرا- طليقا، ومن غير المستبعد أن يحبك سيناريو، ويقدم أكباش فداء، يتحملون المسؤولية عوضا عنه.
إلى ذلك، فإن البحث الذي تجريه الضابطة القضائية لدى مركز الدرك الملكي، مازال في بداية الطريق، بعد مضي وقت عن وقوع النازلتين، اللتين خلفتا ضحايا، وحرمت شركات تتوفر فيها الشروط والمعايير القانونية، وكانت أوفر حظا، في إطار الشفافية والمنافسة الشريفة، من الظفر بصفقة كراء السوق القروي الأسبوعي. وهذه الواجهة الأخرى ل”جبل الجليد” (iceberg)، تحتم على عامل إقليم سيدي بنور، الذي تم تعيينه حديثا بهذه الصفة، التدخل والدخول على الخط، من أجل حماية الصفقات العمومية، والمالية الجماعية، بتفعيل اختصاصاته وصلاحياته الدستورية والقانونية، المنصوص عليها بموجب القانون التنظيمي رقم: 14- 113، المتعلق بالجماعات المحلية.
وعليه، فهل ستعمل السلطة الترابية الأولى، ممثلة في عامل صاحب الجلالة والحكومة بإقليم سيدي بنور، على إخضاع صفقة كراء السوق القروي الأسبوعي، لسلطة المراقبة، وإعادة البث فيها، وفق مقتضيات القانون والمساطر والشكليات، الجاري بها العمل في الصفقات العمومية، بالجماعات الترابية..؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى