استغلال الدين لجمع “الثروة”

ع اللطيف بركة : هبة بريس

أصبح استغلال الدين في مجتمعنا المغربي عادة مستمرة ومسترسلة ، واختلفت الجهات المستغلة للدين واختلفت أهدافها، فقد تجد مستغلي الدين أفرادا أو جماعات أو مؤسسات أو حكومات ، وتختلف أهداف كل جهة من هذه الجهات ، فقد تكون الأهداف اقتصادية أحيانا، و ربما تكون اجتماعية أو سياسية أو في أحيان أخرى ، فتجد أشخاصا يستغلون الدين في التجارة مثلا فيبيعون سلعهم باسم الدين ويستغلون العوام من الناس لقضاء حوائجهم كالزواج وجمع الأموال، فيجعلون الدين مخدرا يخدرون به هذه الشعوب المقهورة فترضخ للواقع بكل قناعة بحجة أن الدين يأمرها بالطاعة والخضوع ، وهكذا يصبح الدين عندها أداة قوية للسيطرة على المسلمين .

ولا يخفى على أحد ما وصل إليه بعض المنتسبين للدين الإسلامي ممن يحسبون على الدعاة وأهل العلم فتارة يسبون بعضهم بعضا ويبدعون من كانوا بالأمس لهم قدوة وتجدهم يكفرون ويفسقون ويبدعون وهم في الأصل ليسوا على شيء، وتجدهم يسرقون ويزنون ويتعاملون بالنفاق ظاهرهم الالتزام والعلم وباطنهم السم القاتل. واعتقد أن من أهم ما يساعد مستغلي الدين على خداع الناس واستغلالهم باسم الدين قلة ثقافة ومعرفة المجتمعات التي يعيشون فيها ، وغسيل الدماغ الذي يحدث لأفراد المجتمع بشكل منظم .

فتجد الفرد يتعرض لغسيل الدماغ وتكرار خرافات وأكاذيب مستغلي الدين عليه منذ نعومة أظافره إلى أن تصبح عنده من المسلمات التي لا يمكن نقضها أبدا من وجهة نظره، فيصل لمرحلة يكون فيها مرعوبا وخائفا جدا حتى من مجرد التفكير في عدم صحة هذه الأفكار أو مراجعتها.

– كيف راكم الشيوخ والائمة أموالا باسم الدين

كل متتبع لمسار الشأن الديني في البلاد الان او عبر عقود من الزمن، سيكتشف ان فئة الشيوخ والائمة قد راكموا أمولا وعقارات، وإن كانت النماذج لا تعد او تحصى، فإننا في ملف ” هبة بريس” سنحاول الاقتصار، على بعض المعلومات بهذا الخصوص، من اقاليم فاس وتارودانت، باعتبارهما الرائداتان في تكوين الفقهاء والائمة من خلال معاهد ومدارس عثيقة، التي تخرج منهما الالاف من حاملي كتاب الله، فانتشروا في البلاد، وتقلدوا الائمامة في المساجد، اغلبهم اليوم يتوفرون على عقارات بالقرى والمدن وأرصدة بنكية، منهم من لازال يباشر مهمته، ومنهم من اكتفى من وعظ الناس وارشادهم وتفرغ لمشاريع. بعض النماذج من سوس من هؤلاء، بعضهم أصبح من الاغنياء بوجه غير مكشوف، أزيد من عشرون منزلا في مناطق متفرقة من سوس، منهم من انشأ شركات لابناءه واستغل علاقاته مع المسؤولين، وأضعف هؤلاء الائمة يتوفرون على الاقل ثلاث منازل في مدينة مثل أكادير، مبلغ كل واحد منها حوالي 150 مليون سنتيم، دون احتساب عائدات الكراءات، وهؤلاء لايشترطون نوع الانشطة الممكن مزاولتها في عقاراتهم وان كانت مشبوهة في الاسلام وأحكامه الشرعية، بل ما يهمهم سوى جمع المال وحالهم يقول ” الدين في المسجد فقط” .

بمدينة فاس كذلك، هناك المئات من الهكتارات من نصيب هؤلاء، اغلبهم يحصلون عليها كهدايا او عطاءات المحسنين.

من ضمن الطرائف حول هذا الموضوع الراحل الامير السعودي سلطان بن عبد العزيز الذي أنشا قصرا فخما في اكادير، كلف بعض مرافقيه وهو لبناني الاصل، لتقديم هبة الى أحد المساجد بأكادير، فكان ذلك عبر تخصيص مبلغ عبارة عن تجهيزات للمسجد، ومبالغ مالية للوعاض، لكن ماذا وقع بعد ذلك، أكتشف المواطنون ان الهدايا من التجهيزات قد اختفت وتم استبدالها فقد وجدت طريقها الى أحد منازل إمام المسجد

– جماعات إسلامية بالمغرب ..هدايا واموال من الخارج

اشتهى عمر بن عبد العزيز التفاح فلم يَجِدْ فِي بيته مالا يشتري به ما اشتهاه, وفي طريقه نحو المسجد قدمت له ِأطْبَاق تُفَّاح , فتناول وَاحِدَة وشَمَّهَا ثُمَّ ردها إلى الطبق، فقال له مرافقوه: لماذا لم تأكل التفاح وقد كنت تشتهيه، أَلَمْ يَقبل رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وَأبو بكر وَعمرالهدية؟ فَقال لهم : هي اليوم هدية ولكنهاَ غدا رشوة للولاة والعمال.

إنه حاكم من حكام المسلمين عرف مواقفه الكثيرة في الحكم والدين والمال، وهو نفسه من استضاء بشمعة من بيت المال كي ينصت للوالي الذي أتاه يحدثه عن حال الرعية وأمور البلاد والعباد،وما أن انتهى الوالي من كلامه وبدأ يسأل عمر عن أحواله وأحوال أهله، حتى سارع إلى إطفاء الشمعة قائلا: “كيف أخبرك عن حالي بضوء شمعة من مال المسلمين”.

وفي زمننا هذا انتظر الناس سنين طويلة قبل وصول الأحزاب ذات المرجعية الدينية إلى دفة الحكم مدعومة بجماعات دعوية ، وكان الناس يحلمون في مصر وليبيا وتونس وحتى المغرب بحكومات تنسيهم ما كانوا عليه.

ولعل ابرز ما انتظره المواطن من هذه الحكومات هو أن يشعر بالإنصاف والعدالة وأن ينال كل ذي حق حقه حين يلتجئ للقضاء، وان يتبارى المتبارون للمناصب العليا بشفافية ووضوح ، وأن يحارب الفساد بجرأة أكثر وبعين لا تغض طرفها عن الحق والحقيقة.

كشفت تقارير ان ثروة جماعة الاخوان المسلمين في مصر واستثماراتها عبر العالم يفوق 180 مليار جنيه سنويا.

هو حب المال والسلطة إذن، يتملك كل الأحزاب والحركات والجماعات مهما كانت مرجعيتها، أما الدين فهو عبادة بالقلب وخلاص من الذنب.

فهل تقدر هذه الجماعات على الاجابة على سؤال لماذا لم تتعامل مع الأموال العمومية والثروة والاغتناء بما يتناسب مع مبادئ مرجعياتها الدينية؟ .

كل مهتم أو دارس لتاريخ الجماعات الاسلامية خصوصا بالمغرب، سيكتشف ان البدايات تكون بإسم الدين ونصرته، وبعد ان تتوصل بالهبات والعطايا والاموال وأخص بذكر منطقة الخليج وايران، لكن النهايات تكون دائما مخيبة للمريدين، حينما يكتشفون ان شيوخهم راكموا امولا وعقارات، ولعلى خلاف من هذا القبيل تسبب في انقسام جماعة اسلامية كانت تمويلاتها من دول الخليج، ومن مساهمة منتسبين اليها من تجار ورجال اعمال.

فلماذا لا تخاف هذه الجماعات من جمع المال ومراكمته؟ ألم يرو أن الصحابي الزبير بن العوام ، ترك بعد وفاته خمسين ألف دينار وألف فرس وألف عبد وأمة ، والصحابي طلحة بن عبد الله التيمي بنى أكثر من دار وكانت غلته من العراق تذر عليه كل يوم ألف دينار.

وكذلك ما أنفقه أحمد المنشاري باشا مصر، الذي عاش في بداية القرن العشرين وانفق ثروته في المشروعات الخيرية، وأوقف ألف فدان في صدقاته الجارية، فلقبه المصريون بأبي الاسكندرية.

إنها أمثلة كثيرة، ولعلى أهم التجار المغاربة عبر التاريخ، كم ساهموا من أموال وعقارات للزوايا والاضرحة، واوقفو عدد من عقاراتهم في سبيل الدين الاسلامي، واليوم كذلك نفس الشيء كل الجماعات الاسلامية والزوايا والمدارس الدينية تتلقى الدعم المادي، إنها ثروة ضخمة وجدت طريقها الى ارصدة الشيوخ، في حين ان لا أحد يخدم الدين الاسلامي بل اصبح وسيلة لمراكمة الاموال، وبعضه التجأ الى التشدد والكفر واصبح يهدد منتسبيه والناس عامة .

فاليوم لدينا عدة مؤسسات تراقب وتحاسب ومفتشيات لها كافة الصلاحيات لمراقبة المال العام، وحتى هناك قانون ينظم الهبات والهدايا للاحزاب والجماعات، ولم نسمع يوما او نرى تقريرا او تفتيشا او حتى احصاء لاملاك تلك الجماعات واموالها. إن الوضع الراهن الذي يمر منه الامن الروحي للمغاربة والى كافة المسلمين، يقتضي التصدي ومحاربة تجار الدين وفضحهم فالدين لله والوطن للجميع.

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. هناك الكثير من المعطيات صحيحة لكن الخطأ المنهجي في هذه المقالة هو التعميم والتشتيت الزمني الذي أنتفى بموجبه الطرح المنهجي.

  2. الشعب يريد منع تجارة المخدرات التي بثت الفثنة والتسيب والانحراف والاجرام والسرقات وتطبيق العصى للتربية والعقاب للردع وتطبليق الاعمال لاالشاقة لحالات ىالعود واعدام تجار المخرات والمشعودات وبالشرع والقانن المغربي الاصلي العربي

  3. …لجمع الثروة نعم ولكن لتكليخ المواطن الساذج والامي والبليد والخائف ..انها الكارثة فعلا .

  4. هذا المقال ليس من مختص باحث ،وانما من شخص لاعلاقة له بالموضوع.فكان الذي طلب الكتابة عن استغلال الدين للاغتناء لم يقصد المختص، وانما من ليس له دراية نهائيا بل هو متطفل عما كتب.كما ان كاتب المقال سلك تعميما كي يغطي عن جهله بالموضوع .
    والأغرب انه أتى بالإخوان المسلمين كمثال على استغلال الدين للاغتناء، وكأنه من فريق السيسي .هل كاتب المقال ومن طلب منه ذلك اعرف من الشعب المصري بالإخوان المسلمين التي صوت لصالح أحد قيادتها.ام ان الارتزاق يغطي الحقائق.
    ومن الغباء ان تكون أجهزة الدولة الأمنية والدينية والخصوم السياسيون لا يعرفون الشاردة والواردة مما يتلقى هؤلاء الدعم الخارجي والداخلي.في حين تجد ان أشخاصا ممن ينتمون الى بعض الجماعات الإسلامية في بلدان العالم العربي هواتفهم مراقبة وانفاسهم محسوبة .بل وحتى آراءهم مؤولة على غيرماسيقت من أجله.
    اتقوا الله في هذا الوطن وامنوا بالاختلاف وكونوا أحرارا في كتابتكم . ولا تكونوا عبيدا المال .

  5. لا فرق بين الدين المتشدد و المنغلق و المخدرات ، كلاهما يسلب الانسان الأرادة ، و روح النقض و الابداع…حيت قال كارل ماركس ((الدين افيون الشعوب ))ونحن في المغرب نعيش ما عاشته اوربا في القرن 15عشر ، حينما كانت الكنيسة تبيع صكوك الغفران الدي يوازي اليوم الرقية الشرعية ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى