شخصيات تركت أثرا في ذاكرة المغاربة .. الحلقة الرابعة: عبد الله باها

لبنى أبروك – هبة بريس

تعاقب على المغرب طيلة السنوات الماضية، شخصيات أمنية وسياسية وحزبية صنعت تاريخا لها، ونجحت في ترك أثر لاسمها في ذاكرة جميع المغاربة الذين عايشوا فترتها أو الذين قرأوا وسمعوا عنها قصصا وروايات جذبت اهتمامهم وفضولهم.

وزراء، سياسيون، حزبيون، أمنيون ورجال دولة سنستعيد أسماءهم عبر هذه السلسلة الاسبوعية، و سنسافر وإياكم إلى الوراء بحثا عن أهم إنجازاتهم وأعمالهم أو الجدل الذي أثارته أسماءهم خلال فترة سلطتهم وهيمنتهم أو بعد إبعادهم أو ابتعادهم.

دراستهم، تكوينهم، مناصهم وأهم الانجازات والأحداث التي طبعت مسارهم، وكذا الشخصيات المعروفة التي رافقت مسيرتهم، والتي كشفت جانبا من حياتهم وكواليسا ووقائعا من سيرتهم، تلك هي الجوانب التي سنتطرق إليه بالمختصر المفيد خلال هذه السلسلة.

الحلقة الرابعة: عبد الله باها

في السابع من شهر دجنبر سنة 2014، حوالي الساعة الثامنة مساءا، عم السواد مواقع التواصل الاجتماعي، ونشرت المواقع الاخبارية الخبر الذي صدم جميع المغاربة “لقد مات الحكيم”.

وفاة عبد الله باها، أو “الحكيم” كما كان يلقبه قياديو حزب العدالة والتنمية وعدد من المسؤولين الحكوميين، نزلت كالصاعقة على أسرته ومقربيه وعدد من المغاربة الذين لم يغب اسم “وزير الدولة” من ذاكرتهم منذ يوم الواقعة. فماهي قصته؟

ولد عبد الله بها سنة 1954 بمنطقة جماعة إفران الأطلس الصغير بإقليم كلميم، بدأ دراسته الابتدائية بمجموعة مدارس إفران، وحصل على شهادة الباكالوريا في العلوم الرياضية سنة 1975 بثانوية يوسف بن تاشفين بأكادير، ثم تابع دراساته الجامعية بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، حيث حصل على دبلوم مهندس تطبيق في التكنولوجيا الغذائية سنة 1979.

اشتغل باها في بداية مشواره المهني، كأستاذ ومهندس باحث بالمعهد الوطني للبحث الزراعي بالرباط سنة 1979، وكاتب عام لصندوق الأعمال الاجتماعية للبحث الزراعي، وعضو مكتب جمعية مهندسي البحث الزراعي سنة 1987.

دخول باها الى المجال السياسي سنة 2007، حيث شغل منصب نائب رئيس مجلس النواب، ونائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية منذ سنة 2004، ورئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب بين 2003 و2006، ورئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب بين 2002 و2003، كما انتخب نائبا برلمانيا عن دائرة الرباط شالة سنتي (2002-2011)، وعضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، قبل أن يعين من طرف الملك محمد السادس بمنصب وزير للدولة بحكومة عبد الاله بنكيران.

عبد الله باها، وزير الدولة والقيادي “البيجيدي” كان يعرف بالشخصية “الكتومة” و”الحكيمة” و”الوطنية حتى النخاع”، كما كان يعرف باحترامه لباقي القادة الحزبيين “المعارضين” ، وللمسؤولين الحكوميين وكذا ممثلي وسائل الاعلام.

عبد الله باها، أو “العلبة السوداء” لبنكيران، كان يعد أحد أهم رجالات الدولة الذي قدم الكثير للدولة ، غير أنه رحل مبكرا تاركا ورائه علامات استفهام حول وفاته “المفاجئة والغريبة”.

قصاصة “المغرب العربي للأنباء”، أفادت حينها أن عبد الله باها كان في طريقه الى مدينة الرباط، قبل أن يتوقف بسيارته نواحي مدينة بوزنيقة قرب “واد الشراط” لتفقد المكان الذي لقي فيه الزايدي حتفه، حيث دهسه قطار وحوله الى أشلاء.

مكان الحادث، شهد حضور مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات أنذاك، وعبد القادر عمارة، وزير الطاقة والمعادن، ومحمد حصاد، وزير الداخلية، و الشرقي أضريس، الوزير المنتدب في الداخلية، والجنرال دوكورضارمي حسني بنسليمان. الى جانب عدد من القادة السياسيين والمسؤولين الحكوميين والعسكريين، الذين عاينوا لحظات نقل أشلاء جثة باها التي تناثرت بجوانب السكة الحديدة.

وفاة باها، خلف صدمة لدى رئيس الحكومة السابق، عبد الاله بنكيران، الذي كان يصف “الراحل” بتوأم روحه ورفيق دربه الذي لم يفارقه يوما، قبل أن تشأ الأقدار ذلك، ويتلقى بنكيران التعازي في صديقه.

وفاة باها كانت لتمر مرور الكرام، غير أن الروايات التي تلتها حولتها من حادثة “عادية” الى “لغز لم تفك طلاسيمه الى اليوم”، حسب بنكيران، مشيرا الى أن “ثمة مؤشرات كثيرة، تدعو إلى الشك في سبب وفاة عبد الله”. في تصريح سابق له

وصف بنكيران لوفاة باها ب”اللغز” جاء بعد تشكيكه في الواقعة خلال مناسبة سابقة، حيث قال في كلمته بمهرجان خطابي للحزب أن “باها والزايدي دفعوا حياتهم ثمنا للحصول على الزعامة السياسية”، ملمحا الى أن وفاتهم ليست ب”الحادث” بل “عمل مدبر”.

الى جانب ذلك، شكك أحمد ويحمان، رئيس “المرصد المغربي لمناهضة التطبيع” و منسق “رابطة إيمازيغن من أجل فلسطيني”، في ظروف وفاة القياديين باها والزايدي، متهما شبكة صهيونية مسلحة بالمغرب باغتيالهما.

اتهامات ويحمان، تسببت في متابعته قضائيا، بعد استدعائه من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية للاستماع اليه حول تصريحاته التي أدلى بها في ندوة صحفية نظمها حامي الدين بحضور مصطفى الرميد، ليتهم بعدها الاعلام بتحريف كلامه.

اذن، رحيل وزير الدولة و”حكيم البيجيدي” المفاجئ، أعقبته روايات وقصاصات مختلفة جعلت من هذه الشخصية التي يشهد لها بالكفاءة والوفاء والوطنية اسما راسخا في ذاكرة جميع المغاربة.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ

  2. رحمه الله، لا نعرفه إلا بماحدث له و الطريقة التي توفي بها، ماعدا ذلك لا نعلم ماذا قدم للمغاربة!!

  3. عن أي أثر ترك باها تتحدثون؟فمعظم المغاربة لم يعرفوه إلا بعد أن أصبح لصيقا بهامون البيجيدي بن كيران الكاهن الأعظم و مدمر الشعب المغربي و عدو الطبقة العاملة الماجورين . فباها شخصية مغمورة لا سياسيا ولا ثقافيا .و صاحب المقال يتحدث عنه كانه يتحدث عن باتريس لومومبا او نلسون مانديلا او شي غيفارا.انه شخصية لم تترك اي أثر بل ساهمت في تخريب المغرب رفقة تجار الدين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى