وزراء مجتهدون بحكومة العثماني .. الحلقة الرابعة: عبد الوافي لفتيت

لبنى أبروك – هبة بريس

عين الملك محمد السادس، شهر أبريل من السنة الماضية، حكومة جديدة برئاسة سعد الدين العثماني، مؤلفة من ستة أحزاب و هي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري والتقدم والاشتراكية، والتي ضمت 39 وزيرا وكاتب دولة.

وزراء ووزراء منتدبون وكتاب دولة، أولئك الذين عينوا بعد الاستحقاقات الانتخابية للسابع من أكتوبر2016، أو بعد التعديلات الحكومية، التي شهدتها الساحة السياسية، بسبب الزلزال الملكي الذي أسقط عدد من الرؤوس الحكومية، والذين تميز بعضهم بالحضور الدائم والعمل الجاد، في حين اختفى البعص الآخر وتواروا عن الأنظار مثيرين ورائهم تساؤلات المواطنين والاعلام.

بعدما تحدثنا في سلسلة سابقة عن الوزراء المختفون، سنخصص كل حلقة من هذه السلسلة الأسبوعية الجديدة، للحديث عن وزراء مغاربة أجمع المواطنون عن اجتهادهم وتحركاتهم وأنشطتهم المكثفة.

مسؤولون حكوميون، تميزوا منذ أول أيام تعيينهم بالعمل الجاد، والإخلاص التام للملك وللشعب الذي صوت عليهم ودافع على وصولهم الى مراكز التسيير والتدبير، لتحقيق مطالبهم والدفاع عن حقوقهم المشروعة.

وزراء ومسؤولون حكوميون، يعملون ليل نهار، دون كسل أو ملل، ويضعون أمامهم هدف خدمة الصالح العام، وإرضاء ملك وأبناء البلاد، وزراء سطع نجمهم وحققوا إنجازات مهمة في فترة وجيزة، مكنتهم من نيل الصدارة في وسائل الاعلام الوطنية والدولية، وفي قلوب المواطنين والمسؤولين، ما دفعنا الى الحديث عنهم والتنويه بمجهوداتهم، أملا منا في تحريك غيرة وحماس الوزراء المختفون والنائمون للتحرك والعمل.

الحلقة الرابعة: عبد الوافي لفتيت

ازداد عبد الوافي لفتيت الذي عينه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وزيرا للداخلية بحكومة سعد الدين العثماني، في 29 شتنبر 1967 بتافريست.

لفتيت، حاصل على دبلوم مدرسة البوليتكنيك بباريس سنة 1989 ودبلوم المدرسة الوطنية للقناطر والطرق سنة 1991، اشتغل في بداية مشواره المهني بفرنسا في المجال المالي قبل أن يلتحق بمكتب استغلال الموانئ ليعين بين سنتي 1992 و2002 على رأس مديرية الموانئ على التوالي بكل من أكادير وآسفي وطنجة. وبتاريخ فاتح ماي 2002 تم تعيينه مديرا للمركز الجهوي للاستثمار بطنجة – تطوان.

وفي 13 شتنبر 2003 ، عين الملك محمد السادس، عبد الوافي لفتيت، عاملا على إقليم الفحص – أنجرة، قبل أن يعين في أكتوبر 2006 عاملا على إقليم الناظور، قبل أن يتم تعيينه بتاريخ 9 مارس 2010 رئيسا مديرا عاما لشركة التهيئة من أجل إعادة توظيف المنطقة المينائية لطنجة المدينة.

وفي 24 يناير 2014، عين لفتيت من طرف عاهل البلاد، واليا على جهة الرباط – سلا – زمور – زعير وعاملا على عمالة الرباط، حيث أبان عن كفاءته واستغل خبرته لتسيير وتدبير أمور مدينة الانور ونواحيها، ليحظى بثة الملك ويعين وزيرا للداخلية.

ما لا يعرفه عدد من المغاربة، أن لفتيت الذي حصل اليوم على منصب ْأم الوزارات”، لم ينل هذا المنصب الحساس والمهم بمحض الصدفة، حيث أنه صعد سلم العلم والعمل بخطوات تابثة منذ فترة تعليمه الأولي.

لفتيت الذي كان معروفا بذكاءه واجتهاده طيلة مساره الدراسي، تمكن من لقاء الملك الراحل الحسن الثاني، قبل سنوات، حينما استقبل هذا الأخير كل من سعيد عويطة ونوال المتوكل بعد عودتهما من لوس انجلوس متوجين بالذهب في الالعاب الاولمبية سنة 1984، حيث استقبل الى جانبهما، عبد الوافي لفتيت الشاب المغربي البالغ من العمر 17 سنة والذي حاز آنذاك على جائزة الاولمبياد الدولية للرياضيات.

خلال بحثنا، عن أنشطة وتحركات الوزير لفتيت، لإعداد هذه الحلقة، تبين أن المسؤول الأول بوزارة الداخلية، شخص نشيط مجد وكتوم ، يشتغل أكثر مما يتكلم، ومن أبرز المسؤولين الذين يفضلون العمل خلف الأضواء دون “هيللة إعلامية” .

المسؤول الأول ب”أم الوزارات” نجح بأول الامتحانات بعد تعيينه بحكومة العثماني، وتمكن من إخماد حركة الاحتجاجات التي شهدتها منطقة الريف، قبل أشهر، والتي تسببت في حالة فوضى كبرى، وأسفرت عن تسجيل تجاوزات خطيرة، كما أسقطت رؤوسا وأعفي بسببها مسؤولون مهمون.

ولعل العامل الأساس الذي ساعد وزير الداخلية في إخماد نيران غضب ساكنة الريف وإنهاء حركة الاحتجاجات بمدينة الحسيمة ونواحيها، هو انتمائه الى المنطقة، وادراكه باحتياجات ومعاناة ومشاكل ساكنتها وأبنائها.

لفتيت، وبدل المكوث بمكتبه المكيف والاعتماد على هاتفه لإعطاء الأوامر والتوجيهات للمسؤولين الأقل منه درجة، نزل الى الميدان وقاد وفودا وزارية متتالية وفتح باب الحوار والتواصل مع المنتخبين والمواطنين وممثلي الفعاليات الجمعوية والحقوقية، لتقديم معطيات واقعية وبراهين ملموسة على الاستجابة لمطالب المحتجين وتنفيذ المشاريع المخططة وتطبيق الوعود المقدمة على أرض الواقع.

كما وقف وزير الداخلية، على التحقيق ومتابعة عدد من الحوادث التي شهدتها مجموعة من المناطق، وواكب حل اشكالات ومشاكل شغلت بال المواطنين والمسؤولين.

لفتيت، أعطى أهمية كبرى لتتبع مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مرحلتها الثالثة، مع الوقوف على التجاوزات والأخطاء التي شابت المرحلتين السابقتين، واللتين أشار اليهما عاهل البلاد، في خطاب ملكي سابق.

ولم يستثن الوزير، المنتخبين والولاة والعمال من حملة التطهير التي قادها، حيث أنه قدم تقريرات دقيقة للملك بخصوص مسؤولين تبث تورطهم في فضائح أو تجاوزات مرفوضة.

وأنهى لفتيت عهد الفساد الذي كان يسيء لصورة عدد من الموظفين التابعين لوزارته، والمتمثلين في أعوان السلطة والقياد والبشوات وغيرهم، بعدما أكد غير مرة على محاسبته وعدم تسامحه مع من تبث في حقه أي تجاوز مهني.

آخر التحركات الإيجابية التي تحسب لوزارة لفتيت، والتي تؤكد على حكمته وقدرته على الحفاظ على الأمن والامان والهدوء العامين، التي تعد من أولى أوليات وزارة الداخلية، تدخله في قضية “احتجاجات التلاميذ” ضد الساعة الإضافية ونجاحه في إخماد غضبهم واعادتهم الى المقاعد الدراسية، بعدما أبان رئيس الحكومة ووزير التعليم عن فشلهم في ذلك، ورميهم للكرة في ملعب لفتيت.

لفتيت، وكما تتبع الرأي العام، عقد لقاءات واتصالات بالولاة بمختلف مناطق المملكة، وكلفهم بالتواصل والتحاور مع التلاميذ وأولياء أمورهم والفعاليات النقابية والجمعوية التي تمثلهم للاتفاق على حل يرضي جميع الأطراف ولعوده الأمور الى نصابها، وهو ماكان في ظرف زمني وجيز.

أمزازي الذي لجأ الى وزير الداخلية بعدما أغلقت جميع الأبواب في وجهه وانقضت جميع السبل والحلول لإقناع التلاميذ وأوليائهم، كان يعلم علم اليقين، أن لفتيت الذي كان حكيما في التعامل مع الاحتجاجات وأصدر أوامره بعدم منعها أو تعنيف متزعميها، مؤمنا بحق هذه الفئة بالتعبير عن رأيها، رغم تجاوزاتها في بعض الحالات.

اذن، أنشطة كبرى حضرها لفتيت، وتظاهرات وطنية ودولية، تهم عدد من المجالات “الأمن، الهجرة، الجماعات، التنمية البشرية..”، أشرف عليها منذ تعيينه بوزارة الداخلية، كما مثل المملكة، في عدد من الاجتماعات واللقاءات الثنائية مع مسؤولين كبار، من أهم وأبرز الدول والبلدان، ودافع عن مواقف المملكة في عدد من القضايا والملفات التي تهم أمنها واستقرارها وصورتها ووحدتها الترابية”، ما يؤكد مقولة “الرجل المناسب في المكان المناسب” وما بتبث تفانيه وإخلاصه في خدمة الوطن والمواطنين على أكمل وجه.

وختاما، لا نسعى من خلال هذه السلسة الى تلميع صورة وزير أو مسؤول حكومي معين، بقدر ما نسعى الى تحقيق توازن وحياد بين الانتقاذ والتنويه، من خلال انتقاذ نوم وغياب واختفاء مسؤولين بحكومة العثماني في سلسلة سابقة، والتنويه وتشجيع مسؤولين آخرين أدركوا واستوعبوا قيمة وحقيقة مهامهم ومسؤولياتهم اتجاه الوطن والمواطنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى