مآثر تاريخية تتعرض للاندثار بتارودانت

ع اللطيف بركة : هبة بريس

تعرف العديد من المباني والأسوار التاريخية بتارودانت إهمالا كبيرا جعلها مهددة بالاحتضار والاندثار، جراء العوامل الطبيعية التي غيرت من ملامح بعض هذه المآثر، لكن أساسا نتيجة الذهنية المجتمعية السائدة التي لا تأبه كثيرا لإبادة الموروث التاريخي للبلاد.

وتحولت العديد من المآثر التاريخية بتارودانت إلى أماكن مفضلة للبعض لإلقاء القمامات والأزبال، أو إلى بنايات “سرية” تحتضن مواعيد “العشاق”، ويختبئ فيها المشردون وأطفال الشوارع، كما يلجأ إليها أحيانا السحرة والمشعوذون لاستخراج ثروات وكنوز مزعومة، في حين أن تلك المأثر تعرضت لما هو أخطر، مؤخرا، وهو عمل قامت به مؤسسات الدولة التي كانت من الواجب حماية تلك المأثر كما وقع من عملية الهدم لمسجد عمره ألف سنة وكذلك هدم ماثر لمنطقة يطلق عليها “الرحبة القديمة”.

أمية تاريخية

سبق لدكتور إبراهيم القادري بوتشيش، وهو أستاذ التاريخ الإسلامي بإحدى الجامعات المغربية، ان اكد في كتابات حول الموضوع ، إن “المآثر التاريخية في المغرب تعبّر عن عمق تاريخي وثقافي متنوع ومنفتح”، مشيرا إلى أن “خطر الاندثار والزوال الذي أصبح يحدق ببعضها بسبب الإهمال، أمر يدعو إلى استنطاق وتدبّر العوامل المسؤولة عن ذلك”.

وأبرز بوتشيش، في تصريحات لـوسائل اعلام دولية ، أنه “لا سبيل لإنكار دور العوامل الطبيعية، من زلازل وفيضانات ورطوبة وحرارة، فيما تتعرض له البنايات التاريخية من تآكل، وما يتسم به دور الدولة أيضا من ضعف المراقبة، والافتقار إلى قانون صارم يجرم العابثين بالمواقع التاريخية، ويحد من هدم الآثار التاريخية تحت الحاجة للتمدد العمراني”.

وشدد المؤرخ المغربي على أن جذور المشكل تعزى أساسا إلى ذهنية مجتمعية ظلت سجينة ما يمكن تسميته بـ”أمية الموروث الأثري”، التي لا يدرك ضحاياها القيمة الحضارية للمباني الأثرية، فلا يعبئون بتدنيسها أو سرقة قطعها الأثرية، وحتى تحويلها إلى بيت للخلاء أو مكان للهو والتسكع او هدمها لاغراض التوسع العمراني.

ولفت المتحدث إلى أنه للمعتقدات الغيبية الراسخة في المجتمع المغربي ما يجعل هذه المباني عرضة أيضا للاستباحة بدافع البحث عن كنز مزعوم، أو تحقيق نوازع سحرية، كما تكشف ذلك عدة حوادث تخريب قبر الاولياء بجهة سوس.

وخلص بوتشيش إلى أن “الذهنية المغربية لم تفلح بعد في الربط بين الموروث التاريخي والبعد التنموي، وإحكام علاقة تواصلية مع الماضي بإبداعاته الحضارية، وإقامة حوار إيجابي معه بغية تحويله إلى مادة صناعية سياحية ودينية، بدل اعتباره قطاعا غير منتج”.

خسارة حضارية

أجمع عدد من المهتمون بالجانب التاريخي باقليم تارودانت، بأن الدولة تحاول جاهدة العمل على صيانة وترميم المآثر والمباني التاريخية، غير أنها مجهودات تظل ناقصة في ظل التردي الملاحظ للعيان للموروث الحضاري.

مضيفين بأن “كثرة وتقاطع الجهات المسؤولة التي تتدخل في ملف المآثر التاريخية، من قبيل وزارة الثقافة ووزارة الأوقاف والمجالس الجماعية والقطاع الخاص أيضا، يعرقل تلك المجهودات ويحد من شموليتها، ويعرض المآثر التاريخية إلى فقدان مقوماتها”.

وأكد هؤلاء ، أن “اندثار معالم المآثر والمباني التاريخية، وتركها عرضة للإهمال وتدمير الطبيعة والبشر، إنما هو بمثابة طعن غادر للتاريخ العريق للبلاد، ومساس برأسمال رمزي خالد قلَّما تتوفر عليه بلدان أخرى في العالم”.

الفريق الاشتراكي ببلدية تارودانت يفجر المسكوت عنه

في تصريح صحفي للمتوكل مصطفى الساحلي باسم الفريق الإتحادي بالجماعة الترابية ترودانت بشان هدم مسجد عتيق والشروع في هدم دزء من التراث العمراني بحي سيدي اوسيدي، كشف هذا الاخير إن مبادرة التدخل في الملف جاءت بعد توصله كفريق اتحادي بالجماعة الترابية تارودانت بتظلمات وتخوفات من بعض التجار بالموقع المعني بالهدم ، مضيفا أنه بعد التنقل لمعرفة الموضوع عن قرب ومعاينة الحالة تفاجئ الى ان الامر يهم منطقة وبنايات تراثية تدخل فيما تبقى من النسيج العتيق بالمدينة على قلته … لهذا اصبح الأمر أكثر من حيثيات التظلم أي أننا أمام إتلاف لجزء من تراث المدينة ، فطالب بإيقاف عمليات الهدم إلى حين حل كل الإشكالات وحماية البنايات القديمة وإخضاعها للترميم والصيانة على غرار التدخلات التي تمت وتتم في مراكش والرباط وفاس و.. وليس الهدم الكلي ، مشيرا أنه تم تسجيل تعمد وقصد هدفه هو ربح الوقت لهدم ما تبقى، مما اضطر الفريق الاشتراكي الذي دبر شؤون المدينة الى عقود، الى طرح الموضوع بمكتب باشا المدينة ثم بمكتب الكاتب العام للعمالة ليتقرر عقد لقاء تقني للإستماع إلى ملاحظاتهم واقتراحاتهم

وأضاف الرئيس السابق لبلدية تارودانت، انه خلال الإجتماع الذي استدعي إليه بمكتب الكاتب العام بقر العمالة يوم الأربعاء الماضي من الساعة 10 و30 صباحا حتى 1 بعد الزوال ، وبعد التداول والإستماع الى الجميع ومداخلات ومرافعات الفريق الإتحادي المجتمعة بمكتب الكاتب العام للعمالة وهم : باشا المدينة / المهندس رئيس قسم التعمير بالعمالة / مهندس بمصلحة التعمير بالعمالة متخصص في التراث / الوكالة الحضرية/ ممثلين لادارة الأوقاف والشؤون الإسلامية / ممثل لمديرية التجهيز المكلف بالمشروع.
تبين ما يلي :
(1) أن المشروع غير مصادق عليه ..
(2) وأن عمليات الهدم غير مرخصة ..
(3) أن جزءا مما أقدمت الشركة على هدمه لاعلاقة له بالمشروع غير المصادق عليه أصلا ، أي أنها عملية غير سليمة وغير قانونية …
و أكد المتوكل في اللقاء بأن الغاية والهدف في الوقت الذي تتجه في السياسة الملكية إلى الإهتمام بالترميم وإعادة الاعتبار في عدد من المدن المغربية تاريخية تتلخص في :

(1)التأكيد على حماية التراث اللامادي والعمران العتيق بالمدينة ..
(2) احترام الضوابط والاليات القانونية المعمول بها في هذا الباب ..
(3) ان يخضع التصميم والدراسته للمراجعة والملاءمة مع الخصوصيات العمرانية التاريخية وبالمواد التقليدية …
(4)أن يعتمد تصميم يهم المسجد يراعي خصوصيات المسجد الأصلي تصميما ، وباعتماد مواد البناء التقليدية واحترام الهندسة المعمارية المحلية …
(5)أن المحلات التجارية المبنية بالإسمنت كان من المفترض تهيئتها وصيانتها وإخضاعها هي كذلك لنسق البناء القديم فيما يخص الواجهة والأبواب …الخ
(6) أن المحلات التي طالها جزءا منها الهدم و غير مندرجة في المشروع أن يعجل بترميمها وصيانتها وفق الطرق المتعارف عليها والمعتمدة في مثل هذا النسيج العتيق مثل ما تم في برنامج التدخل بمراكش والرباط وفاس .. ليرجع إليها أصحابها في القريب العاجل …
(7) ضرورة اعتماد المساطر المعمول بها للتصديق على الملف قبل الاقدام على أي تدخل او عمل …و أن يهيأ كناش للتحملات تقني يهم كيفيات الترميم والصيانة والبناء وشروط وضوابط كل ذلك …وأن تقوم المصلحة المعنية أي إدارة التجهيز بتارودانت بإعداد ملفها كاملا واتباع الإجراءات القانونية في هذا الباب …

وكشف المتوكل إلى أن السلطة المحلية أمرت بالإجتماع بإيقاف كل الورش للأعتبارات القانونية التي تم ذكرها سابقا ، وعلى رأسها عدم القيام باعمال الهدم وان يتم التعجيل هذا الأسبوع بإستدعاء المهندس المعماري للمشروع لإعادة الصياغة تقنيا وفنيا للتصميم والدراسة وفق للملاحظات التي أكد عليها كل من ممثلي قسم التعمير بالعمالة والوكالة الحضرية والتي سبق توثيقها في محضرين سابقين ، وضرورة احترام كل التوجيهات والقرارات المطروحة ..والتأكيد على حماية حقوق ومكتسبات التجار المستغلين لتلك المحلات والذين اصبحو معطلين ولا مورد عيش عندهم.

وأشار الاتحادي المتوكل مصطفى ان الفريق الاتحادي يعمل على تشكيل لجنة لتتبع هذا الملف مع الفعاليات العاملة في مجال التراث حتى تحقق الأهداف والغايات المسطرة في مثل هذه الأوراش التراثية ..مع جعل التنسيق دائما لتتبع كل ما له علاقة بالنسيج العتيق والمباني التراثية والقديمة والمآتر التاريخية .

مضيفا أن افريق الإشتراكي بمجلس النواب ومجلس المستشارين قد وضعا اسئلة كتابية للوزراء المعنيين بهذا الخصوص.

وتتوفر مدينة تارودانت على مباني ومآثر تاريخية عريقة في العديد ، من بينها اسوار السعديين، ومعلمة المسجد الكبير ٬ والأبواب التاريخية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى