الفيضانات بالمغرب .. خسائر بالملايير والشركات أكبر مستفيد

ع اللطيف بركة : هبة بريس

يشهد مناخ المملكة منذ أكثر من عقدين من الزمن ، تحولات كبيرة مما ساهم في إرتفاع إيقاع فيضانات وسيول، عادة تكون جارفة تهلك الحرث والنسل في عدد من مناطق البلاد، خاصة القرى المهمشة في الجنوب والجنوب الشرقي، وهو ما أسفر عن مقتل المئات من الضحايا، في حصيلة تختلف من سنة الى أخرى.

هذه الفيضانات التي تصاحبها وقائع تدمير وانهيار منشآت وبنيات تحتية مثل القناطر والطرق وحتى الأسوار التاريخية، من قبيل انهيار قنطرة تالوين وأخرى بأكادير، وسقوط سور تاريخي بتزنيت، جعلت البعض يسأل من وراء الفيضانات عدا الأحوال الجوية السيئة.

هبة بريس، حاولت استطلاع آراء عينة من المواطنين الذين تابعوا أهوال الفيضانات التي ضربت مناطق جنوب المملكة، وكذلك بعض المهتمين والمتتبعين لملف الفيضانات، فكانت الاجوبة مختلفة بين من يرى أن البشر وراء تغييرات المناخ ومعالم الاودية، في حين رأى أخرون أن الشركات أكبر مستفيد من الفيضانات، وأن نفس السيناريو يحدث كل سنة، والدولة تخسر الملايير من الدراهم، في إعادة الطرق والمنشآت الفنية التي تم تدميرها.

– الفيضانات بين القدر وتدخل البشر

السواد الاعظم من المواطنين ، يؤكدون أن الفيضانات المهلكة التي شهدتها البلاد هي أولا من تدبير القدر والصنع الإلهي، غير أن فئات أخرى من المواطنين تؤكد على وجود مسؤولية البشر في ذلك.

وما بين تدخل القدرة الالهية في التحولات المناخية ووقوع الكوارث الطبيعية، غير أن البشر طور منذ القدم في صراع مع الطبيعة اليات وأساليب اختلفت من حضارة الى أخرى، بل وأصبح للعلم الحديث دور كبير في تفادي تداعيات الكوارث على الانسان بالخصوص، بل تم تقليص الخسائر بفضل العلم وتقنياته .

في المملكة كانت لسياسة السدود التي دشنها المرحوم الملك الحسن الثاني، الاثر الكبير، بل هناك من اعتبرها ثورة خضراء، مكنت المغرب من الاستفادة من مدخرات من الملايين المكعبة من مياه الامطار، مما مكن البلاد من انجاح مخططها الاخضر الخاص بسقي مليون هكتار، وتوفير مياه الشرب عبر أربعة عقود من الزمن، مما ساهم في توفير الامن الغذائي لملايين المغاربة. وهو نفس التوجه الذي تابعه الملك محمد السادس، عبر وضع مخططات تزيد من عدد السدود ونهج اساليب جديدة في سياسة السقي من أجل ترشيد الموارد المائية بالمملكة.

وبالرغم من تنبيهات منظمات كالمنظمة العالمية للتغذية ( الفاو) ومنظمة الصحة العالمية، على اعتبار أن المياه النقية تساهم في الصحة الجيدة، ونقصها او تلويثها تكون له انعكاسات سلبية على صحة الانسان، فالتقديرات تشير أن المغرب سيدخل أزمة مياه في 2040، وهو ما دفع بالحكومات المتعاقبة بتوجيهات ملكية، وضع خطط متوسطة وبعيدة المدى حتى يتفادى المغاربة تلك الازمات المستقبلية، لكن يرى كثيرون ان الخطط لازالت حبيسة الرفوف بالرغم من أن الدراسات تكلف خزينة الدولة الملايير من الدراهم، وأن أي تأخر في اخراجها الى حيز الوجود، يزيد من التكلفة بسبب ضرورة تحيين تلك الدراسات.

كثير من الأراء التي استقتها الجريدة، تحدد أن المسؤول الأساسي عما جرى من فيضانات هو من تدخل البشر بعينه، بالنظر إلى مؤشرات عديدة دلت على قصور وإهمال مسؤولين.

– لا وجود لبيانات وأرقام الخسائر

يرى مهتمون ، بأن مسؤولية الفيضانات الحالية تقع على عاتق الحكومات المتعاقبة ، كل حسب القطاع الذي يشرف عليه، متساءلين كيف لتساقطات مطرية دامت بضعة أيام فقط تهدم قناطر وطرقا وطنية، في بلد يطمح ليكون من الدول الصاعدة”.

وفي نفس السياق ، إعتبر أخرون أن جل المغاربة لا زالوا يسقطون أي حادث أو كارثة الى القدر، حتى لو كانوا هم المسؤولون عنه بالفعل”، مضيفين أن الأمطار عندما هطلت بغزارة، لم يأمر الله بعض الناس بالمجازفة والسياقة في أماكن خطرة”.

وقد حاولنا في ملفنا هذا البحث عن مصادر أخرى، قد تمكننا من الحصول على بيانات واحصائيات جامعة عن حصيلة فيضانات 2010 و 2014، باعتباره قوتهما المدمرة والتي خلفت خسائر مادية وبشرية، غير أننا لم نجد سوى إحصائيات جزئية عن خسائر مسجلة في بعض الاقاليم، دون العثور على أرقام عامة عن حصيلة الفيضانات التي شهدتها مناطق المملكة، او الاعتمادات المرصودة لاعادة اصلاح ما افسدته الطبيعة.

– شركات أكبر مستفيد

في جولة للجريدة ببعض الاقاليم خلال الفيضانات الاخيرة، خصوصا في اقاليم( تيزنيت .سيدي افني. تارودانت) ، إكتشفنا أن عدد من البنيات التحتية من طرق ومنشآت فنية قد دمرت بشكل كامل أو جزئي، وبعد سؤالنا لبعض مواطني تلك المناطق عن تواريخ هدم تلك المنشآت، أكد بعضهم ان بعض الطرق تمت اعادة اصلاحها أكثر من مرة، بل منشآت فنية تعاد كلما هدمها الفيضانات، وبعملية حسابية نكتشف أن الدولة تخسر الملايير من الدراهم كل موسم أمطار، والمتهم دائما هو جريان الوادي، في حين أن الحقيقة تكشف أن مكاتب الدراسات وشركات وجماعات ترابية واقليمية وحتى جهوية، تخصص فتح الاضرفة لمشاريع على سبيل اعادة اصلاح ما أفسده المطر، وهو في الحقيقة، أن اليوم باتت خسائر الفيضانات رقم مربح للشركات التي تعمل في مجال الطرق والمنشات الفنية، دون ان تلاحظ الدولة أن اموالها تهدر لجيوب لوبيات تنتعش في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، فكلما سقطت قنطرة تعاد نفس الدراسة، ويأتي نفس المقاول لاعادة بناءها، ولما تسقط مرة ثانية يعاد نفس السيناريو وهكذا حتى فقدت الدولة أموال طائلة، دون أن يقف نزيف هدر المال العام الذي يحتاج شجاعة قوية من مختلف الفاعلين بالبلاد.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. نوضو ديرونا بعدا الطرقان و البنيتات التحتية عاد فكرو ديرونا القطار السريع هادي هي ديال أشخصك العريان قالو الخواتم أمولاي!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى